فكيف ولم ينسب زعيم لسنبس |
|
إلى المجد إلّا كان خالي أو عمي |
ملاذي جلال الدين نجل محاسني |
|
حليف العفاف الطلق والنائل الجمّ |
فتى خلقت كفاه للجود والسطا |
|
كما العين للأبصار والآنف للشمّ |
وهي قصيدة طويلة (١) في أربعين بيتا ، تدلّ على عمق التجربة الشعرية ، وهو بعد لم يزل صبيا في عنفوان أيام شبابه وعلى الرغم من هذا الحماس المتأجج في نفس الشاعر رأينا أنه لم ترق له هذه الحال ، من الحروب والوقائع والصدامات العنيفة بين قبيلته وأعدائها ، مما اضطرّه إلى التفكير في ترك الحلة ، وانتجاع مواطن غيرها لعله يرى فيها راحته واطمئنانه بعيدا عن النزاعات والصدامات المسلحة.
وكان الحافز الكبير في دفع الشاعر إلى الهجرة عن دياره في العراق قتل خاله صفي الدين بن محاسن غيلة وهو في صلاته. وحدوث فتن وقلاقل بين طيء وسائر القبائل المجاورة ، يشير إلى ذلك بقوله : ثم جرت بالعراق حروب ومحن ، وطالت خطوب وأحن ، أوجبت بعدي عن عريني ، وهجر أهلي ، وقريتي بعد أن تكمل لي من الأشعار ، ما سبقني إلى الأسفار ، وحدث به الركبان في الأسفار .. (٢). وعبارته الأخيرة تشير بوضوح إلى التفكير في نيل الشهرة بالشعر ، في مطلع حياته ، وكان يومئذ قد نيّف على عشرين عاما من عمره ، أي : في حدود سنة (٧٠٠ ه)
__________________
(١) انظرها في ديوانه : ط : العراق : ص ١١ ـ ١٣.
(٢) مقدمة ديوانه : ط : العلمية : ص ٦.