وأخرى كتب بها إلى صديق يعاتبه على خلف وعده في إشراكه بهذه المعركة (١).
وبذلك تكون هذه الواقعة (الزوراء) و (أخذ الثأر) من أهم المحفزات في حياة الشاعر لنظم القصائد الحماسية في الفخر والاعتزاز بأمجاد قومه (السنبسيين الطائيين) غير أن هذه الأوضاع والقلاقل والمحن التي واكبت حياته وهو في ريعان شبابه قد فرضت على نفسه الطامحة أن يرحل عن أهله وأقرانه ، وأن ينتجع مكانا آخر كما سبق أن أشرنا إلى ذلك ، فقصد (ماردين) ، وهي قلعة فتحت في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وكان عليها السلطان الملك المنصور نجم الدين أبو الفتح غازي بن أرتق.
وكان الصفي الحلي قد تعرّف هذه الديار عن طريق اشتغاله بالتجارة ، فكان يرحل إلى مصر والشام وماردين وغيرها ، ثم يرجع إلى العراق ، وكان في غضون هذه الرحلات يمتدح سلاطين هذه البلدان وملوكها وأعيانها.
ويبدو أنه وجد في أمراء ماردين بغيته التي كان ينشدها ، وإلا فقد مدح غيرهم ، كالسلطان الناصر بن قلاوون (٢) ، كما مدح ابن الأثير كاتب السر في مصر (٣).
ومن مدحه للناصر قوله :
أسبلن من فوق النهود ذوائبا |
|
فتركن حبات القلوب ذوائبا |
وجلون من صبح الوجوه أشعة |
|
غادرن فود الليل منها شائبا |
__________________
(١) الديوان : ١٩.
(٢) فوات الوفيات : ١ / ٥٨١ والنجوم الزاهرة : ٦ / ٢٧٥.
(٣) الفوات : ١ / ٥٨٠.