فلما صادفت رسائلي فيه قبولا ، وهبت ريح سعدها قبولا ، أشار رئيس وزرائه ، وزعيم كتاب إنشائه عن إشارته العالية أن اجمع له جزءا من جد شعري وهزله ورقيق لفظي وجزله ... ؛ ليكون ديوانا للمحاضرة ومجموعا للمذاكرة .. فاخترت منه ما يحبّ ويبتغي ، ورتبته على ما يجب وينبغي ، واقتضى الأدب أن اسم الكتاب بوسمه ، وأشرف باب المديح بتقديم لقبه الشريف واسمه ، فصيرت ولي المديح كوسيمه ، وختمت به أبناء المدح كختم الأنبياء بسميه ، وجعلت فصول الأبواب فروعا تتبع أصلا ، وجملة الكتاب اثنا عشر بابا تشتمل على ثلاثين فصلا .. (١) فكان هذا الديوان الذي بين أيدينا اليوم ، وقد طبع أكثر من طبعة أولاهما سنة : ١٢٨٣ ه و ١٢٩٧ ه ، ثم طبعة ١٣٧٥ ه وأشار الناشر إلى أنه قابل بها النسخ المطبوعة سابقا والأخيرة المتداولة هي طبعة (دار صادر ـ بيروت) سنة : ١٣٨٢ ه / ١٩٦٢ م. وحين ترك الشاعر مصر راجعا إلى العراق لم ينس أن يضع بين يدي ابن قلاوون قصيدة عصماء يمدحه بها سبق أن أشرنا إليها فيما مضى ، يشير في أخرياتها بالرحيل ، ويعتذر إلى ابن قلاوون بقوله (٢) :
يا ذا الذي خطب المديح سماحة |
|
فنداه قبل نداي قد لباني |
أقصيتني بالجود ثم دعوتني |
|
فنداك أبعدني وإن أدناني |
ضاعفت برّك لي ولو لم تولني |
|
إلّا القبول عطية لكفاني |
فنأيت عنك ولست أول حازم |
|
خاف النزول بمهبط الطوفان |
علمي بصرف الدهر أخلى معهدي |
|
مني وصرف في البلاد عناني |
ولربما طلب الحريص زيادة |
|
فغدت مؤدية إلى النقصان |
__________________
(١) مقدمة ديوانه : ٧ ـ ٨.
(٢) الديوان : ٦٢ ـ ٦٥.