ابداً. فاختلفوا عنده وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله) ونحو حديث : (أنا راض عنك ، فهل أنت عنّي راض؟) ونحو ذلك » (١).
وبعد ، فما مدلول هذا الحديث ونحن نتكلّم هنا عن هذه الجهة وبغضّ النظر عن السند؟
يقول المناوي : « أمره بمطاوعتهما يتضمّن الثناء عليهما ، ليكونا أهلاً لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه ... ».
لكن أوّل شيء يعترض عليه به تخلف أمير المؤمنين عليهالسلام ومن تبعه عن البيعة مع أمرهما به ، ولذا قال :
« فإن قلت : حيث أمر باتباعهما فكيف تخلّف علي رضي الله عنه عن البيعة؟
قلت : كان لعذر ثم بايع ، وقد ثبت عنه الانقياد لأوامرهما ونواهيهما ... » (٢).
أقول : لقد وقع القوم ـ بعد إنكار النصّ وحصر دليل الخلافة في الإجماع ـ في مأزق كبير وإشكال شديد ، وذلك لأنهم قرروا في علم الاصول أنه إذا خالف واحد من الاُمّة أو اثنان لم ينعقد الإجماع.
قال الغزالي : « إذا خالف واحد من الامة أو اثنان لم ينعقد الإجماع دونه ، فلو مات لم تصر المسألة إجماعاً ، خلافاً لبعضهم. ودليلنا : أن المحرم مخالفة الاُمّة كافة .... » (٣).
وفي مسلم الثبوت وشرحه : « قيل : إجماع الأكثر مع ندرة المخالف بأن يكون واحداً أو اثنين إجماع .... والمختار أنه ليس بإجماع لانتفاء الكل الذي هو مناط العصمة. ثم اختلفوا فقيل : ليس بحجة أصلاً كما أنه ليس بإجماع ، وقيل : بل حجّة ظنّية غير الإجماع ، لأن الظاهر إصابة السواد الأعظم ... قيل : ربما كان الحق مع الأقل
____________
باعتبار أنها نصوص جلية أو خفيّة على امامته كما ذكر صاحب « شرح المواقف » وغيره.
(١) شرح نهج البلاغة ١١ / ٤٩.
(٢) فيض القدير ٢ / ٥٦.
(٣) المستصفى١ / ٢٠٣.