فإنهم زعموا النصّ على أبي بكر ، وللشيعة فإنهم يزعمون النصّ على علي كرّم الله وجهه ، إما نصّاً جلياً وإما نصّاً خفياً. والحق عند الجمهور نفيهما » (١).
وقال المناوي بشرحه : « فإن قلت : هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الأصول من أنّه لم ينصّ على خلافة أحد.
قلت : مرادهم : لم ينصّ نصّاً صريحاً ، وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل الاقتداء بهم في الرأي والمشورة والصلاة ونحو ذلك (٢).
علمنا أن المستدلّين بهذا الحديث في جميع المجالات ـ ابتداءً بباب الإمامة والخلافة ، وانتهاء بباب الاجتهاد والإجماع ـ هم « البكرية » وأتباعهم ....
إذن .... فالأكثر يعرضون عن مدلول هذا الحديث ومفاده ... وإن المستدلّين به قوم متعصبون لأبي بكر وإمامته ... وهذا وجه آخر من وجوه وضعه واختلافه ..
قال الحافظ ابن الجوزي : « قد تعصب قوم لاخلاق لهم يدّعون التمسك بالسُنّة فوضعوا لأبي بكر فضائل ... » (٣).
لكن من هم؟
هم « البكرية » أنفسهم!!
قال العلاّمة المعتزلي : « فلمّا رأت البكرية ما صنعت الشيعة (٤) وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث ، نحو : (لو كنت متّخذاً خليلاً) فإنهم وضعوه في مقابلة (حديث الإخاء). ونحو : (سد الأبواب) فإنه كان لعلي عليهالسلام ، فقلبته البكرية إلى أبي بكر. ونحو : (إيتوني بدواة وبياض أكتب فيه لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه إثنان) ثم قال : (يأبى الله والمسلمون إلاّ أبا بكر) فإنّهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه : (إيتوني بدواة وبياض أكتب لكم ما لا تضلّون بعده
__________________
(١) الشيخ محمد عبده بين الفلاسفة والمتكلّمين ٢ / ٦٤٣ ـ ٦٤٤.
(٢) فيض القدير ٢ / ٥٦.
(٣) الموضوعات ١ / ٣٠٣.
(٤) الذي صنعته الشيعة أنها استدلّت بالأحاديث التي رواها أهل السُنّه في فضل أمير المؤمنين عليهالسلام