قال ابن مالك : وهذا القول أولى بالصواب لصحة السماع بذلك ، ولأن فيه فائدة ؛ لأن من قال : صمت شهرا قد يريد جميع الشهر وقد يريد أكثره ، ففي قوله احتمال يرفعه التوكيد ، ومن الوارد فيه قوله :
١٥٥٧ ـ قد صرّت البكرة يوما أجمعا
وقوله :
١٥٥٨ ـ تحملني الذلفاء حولا أكتعا
وقوله :
١٥٥٩ ـ أوفت به حولا وحولا أجمعا
وقول عائشة رضياللهعنها : ما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم صام شهرا كله إلا رمضان (٤) ، أما غير المحدود فلا فائدة فيه ، فلا يقال : اعتكفت وقتا كله ، ولا رأيت شيئا نفسه ، والمانعون مطلقا أجابوا بأن ما ورد من ذلك محمول على البدل أو النعت أو الضرورة.
(وفي توكيد محذوف خلاف) فأجازه الخليل وسيبويه والمازني وابن طاهر وابن خروف ، فيقال في (الذي ضربته نفسه زيد) : (الذي ضربت نفسه زيد) ، (ومررت بزيد وأتاني أخواه أنفسهما) ، ومنعه الأخفش والفارسي وابن جني وثعلب وصححه ابن مالك وأبو حيان ؛ لأن التوكيد بابه الإطناب والحذف للاختصار ، فتدافعا ، ولأنه لا دليل على المحذوف.
ورد الأول بأن ذلك تأكيد التكرار دون غيره ، والثاني بأن التوكيد يدل على المحذوف ، قال أبو حيان : والذي نختاره عدم الجواز ؛ لأن إجازة مثل ذلك يحتاج إلى سماع من العرب.
__________________
١٥٥٧ ـ الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٩١ ، والإنصاف ٢ / ٤٥٥ ، وخزانة الأدب ١ / ١٨١ ، ٥ / ١٦٩ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٠٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٨٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٦٥ ، وشرح المفصل ٣ / ٤٤ ، ٤٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٩٥ ، والمقرب ١ / ٢٤٠ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١١٩٨.
١٥٥٨ ـ تقدم الشاهد برقم (١٥٥٥).
١٥٥٩ ـ الرجز للعجاج في ملحق ديوانه ٢ / ٣٥٤ ، واللسان والتاج ، مادة (سبع) ، وتهذيب اللغة ٢ / ١١٧ ، والعين ١ / ٣٤٤ ، ولرؤبة في ديوانه ص ٩٢. واللسان مادة (ظأر ، نشع) ، والتاج ، مادة (ظأر ، رضع ، سبع ، نشع) انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٩٨.
(١) أخرجه مسلم ، كتاب الصيام ، باب صيام النبي صلىاللهعليهوسلم في غير رمضان (١١٥٦).