(ولا يحكى غالبا معرفة) وشذ حكاية المضمر فيما روي من قولهم : مع منين لمن قال : ذهب معهم ، (خلافا ليونس) حيث أجاز حكاية جميع المعارف كالإشارة والمضاف (إلا علم لم يتيقن نفي الاشتراك فيه) اسما أو كنية أو لقبا فيحكى بإجماع النحاة على لغة الحجازيين ، (بمن دون عاطف فيقدر إعرابه كله في الأصح) كقولك لمن قال : زيد : من زيد؟ ولمن قال : رأيت زيدا : من زيدا؟ ولمن قال : مررت بزيد : من زيد؟ ف (من) في الأحوال الثلاثة مبتدأ وزيد خبر ، وحركات الإعراب الثلاثة مقدرة ؛ لأن حرفه مشغول بحركة الحكاية.
وذهب بعضهم إلى أن حركته في الرفع إعراب ولا تقدير ؛ إذ لا ضرورة في تكلف رفعه مع وجود أخرى ، وإنما قيل به في النصب والجر للضرورة ، وذهب الفارسي إلى أن (من) في مثل ذلك مبتدأ وخبرها جملة محذوفة ، وزيد بعض تلك الجملة والتقدير من ذكرته زيدا ومن مررت به زيد فيكون بدلا من الضمير المقدر ، وذهب بعض الكوفيين إلى أن (من) محمولة على عامل مضمر يدل عليه العامل في الاسم المستفهم عنه والواقع بعد من بدل منها ، فإذا قيل : ضربت زيدا فقلت : من زيدا فالتقدير من ضربت؟ وزيدا بدل من (من) ، وإذا قيل : مررت بزيد فقلت : من زيد؟ فالتقدير بمن مررت؟ وزيد بدل من من ، فإن اقترنت من بعاطف فقلت : ومن زيد؟ بطلت الحكاية وتعين الرفع سواء كان زيد في كلام المتكلم منصوبا أم مجرورا ؛ لزوال اللبس ، ولو تيقن نفي الاشتراك في العلم لم يجز أن يحكى ، وقد يترك الحجازيون حكاية العلم مع وجود شرطه ويرفعون على كل حال كلغة غيرهم ، فإن بني تميم لا يجيزون الحكاية أصلا. قال أبو حيان : والإعراب أقيس من الحكاية ؛ لأنها لا تتصور إلا بخروج الخبر عما عهد فيه من الرفع.
(ويحكى الوصف المعرف المنسوب ، قال سيبويه : بمن ملحقة بأل والياء) المشددة (كالمني) لمن قال مثلا : قام زيد القرشي فلم تفهم القرشي فاستفهمت عنه ، ويعرب إذ ذاك ويؤنث ويثنى ويجمع بالواو والنون وبالألف والتاء ، وتثبت هذه الزيادات في الوصل والوقف ، فإن فهمت الصفة المنسوبة ولم يفهم الموصوف لم تحك ، بل تقول : من زيد القرشي إلا على لغة من يحكي العلم المتبع ، وذلك قليل ، ثم إن سيبويه أطلق هذا الحكم ولم يذكر خصوصا ولا عموما (فعمم قوم ذلك) في العاقل وغيره ، وفي النسب إلى أب أو أم أو قبيلة أو بلد أو صنعة ، (وخصه المبرد بالعاقل ، وحكي غيره بالماي والماوي) لأن (ما) لما لا يعقل ، فإذا قيل : رأيت الحمار الوحشي أو المكي ، تقول : الماي أو الماوي.