قال علماؤنا رضياللهعنهم : يستحبّ اتّخاذ موضع من المسجد للقاضي والعالم والمفتي ، حتى إليهم ينتهي المستفتي ، وبذلك قال علماء الحنفية.
قال مؤلف «الاختيار في شرح المختار» : ويجلس للقضاء جلوسا ظاهرا في المسجد ؛ لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يفصل بين الخصوم في المسجد ، وكذا الخلفاء الراشدون من بعده ، ودكّة عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه في مسجد الكوفة إلى الآن معروفة.
قال صلىاللهعليهوسلم : «إنما بنيت المساجد لذكر الله تعالى وللحكم» ، ولئلا يشتبه على الغرباء مكانه. انتهى كلامه.
ونقل القاضي عياض ـ رحمهالله تعالى ـ عن ابن المنذر أن مالك بن أنس كان له موضع في المسجد ، قال : وهو مكان عمر بن الخطاب رضياللهعنه ، وهو المكان الذي كان يوضع فيه فراش النبي صلىاللهعليهوسلم إذا اعتكف ، كذا قال الأويسي.
ونقل أهل السّير (١) : أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم كان إذا اعتكف في رمضان طرح فراشه وراء أسطوانة التوبة ، وروى الطبرانيّ في «معجمه» عن ابن عمر رضياللهعنهما أنّ ذلك ممّا يلي القبلة يستند إليها.
وفي كتاب «إقليد الإقليد المؤدّي إلى النّظر السّديد» من كلام الشّيخ الإمام الحافظ أبي بكر محمد بن أحمد بن حمزة : إنّ اتّخاذ العلماء المصاطب والمنابر جائز في المسجد للتّعليم والتّذكير ، وهم أحقّ بها.
وممّا رويته بسندي إلى الزّبير بن بكّار قال : حدّثني محمد بن إسماعيل قال : رأيت طنفسة كانت لعبد الله بن الحسن بن الحسين تطرح قبالة المنبر على مرمر كان هناك ، قال : فحبس عبد الله بن الحسن سنة أربعين ومائة ، وبقيت الطّنفسة بعده أياما ، ثمّ رفعت ، ثمّ إن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب رضياللهعنهم أيام كان واليا على
__________________
(١) انظر ذلك في «سبل الهدى والرشاد» ٨ / ٤٣٩ ، وانظر الحديث في «سنن ابن ماجه» ١ / ٥٦٤ (١٧٧٤).