جهدي له وحصل على مقصوده. فصفا قلبه وأعرض عن جميع ما كان سمعه ، ورأيت منه إنصافا أزال ما رأيت منه من الشقاء والتعب ، رحمهالله وعفا عن من كان السّبب.
ولهذه الأطراف تتمّات فيها عجائب وتحتها غرائب ، لو بسطت القول فيها لخرجت عن المقصود ، وإنما الغرض التنظير بمن فيه تفريع بأهل زماننا ، والله تعالى يغفر للجميع.
واستناب القاضي شرف الدين في فصل الخصومات دون الخطابة والإمامة ، الفقيه أحمد الفاسي (١) المراسني.
ثم الفقيه العالم الفاضل الأصولي الفروعي أبا العباس أحمد (٢) التادلي ، وكان ورعا عفيفا دينا فاضلا في مذهب مالك ، إماما في أصول الفقه ، وله شرح «رسالة ابن أبي زيد» كتابا حفيلا ممتعا ، وله «شرح عمدة الأحكام» من أحسن ما وضع عليها ، وله «شرح تنقيح القرافي» في أصول الفقه لم يوضع عليها فيما رأينا أحسن منه ، وكل تواليفه وتقاييده مفيدة.
وتولى درس غشاوة فلم يتناول من تمر الحديقة التي تفرق اليوم على الجماعة شيئا بسبب ما ذكرناه في ترجمة الشريف يعقوب ، وكان يصرف نصيبه إلى الفقيه محمد التلمساني لكونه من طلبة المدرسة الشهابية.
ثم نقم عليه القاضي شرف الدين شيئا ، منها : دخوله في قضية ابن مطرف في العهن. فإن الفقيه شهاب الدين التادلي أثبت له محضرا مشتملا على أنّ بيع عليّ المذكور للعهن ، كان وهو في الحبس مقهور مغصوب ، وأن البيع باطل ، فلما أثبت التادلي المحضر لنافع بن علي بن مطرف توجه إلى رباط الفخر وأخذ جميع ما فيه من التمر ، فغضب القاضي شرف الدين ولم يصلّ بالناس صلاة الظهر ولا أحد من جهته ، وصلى بالناس ثلاثة أئمة ، عز الدين الواسطي ، وأخي علي ، وشخص
__________________
(١) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ١ / ١٦١ (٣٤٦).
(٢) هو : أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن التادلي الفاسي. ترجمته في : «الديباج المذهب» ، ص ٨١ ، «المغانم المطابة» الورقة ٣٣ ب ، «التحفة اللطيفة» ١ / ١١١ (١٩٨).