ثم اتفق أن جاء كتاب من عند السلطان إلى الأمير ودي بأن لا يتعرض للمدينة ، ولا يقربها فرحل عنها ، ووقع من القاضي شرف الدين الأميوطي ما تقدم ذكره في ترجمة الشريف يعقوب ، وأمر الوصية التي بعث بها الشريف يعقوب من العرب ، فغضب السلطان على طفيل.
فلما كان في شهر شوال من السنة المذكورة وصل جحيدب بن منيف بن قاسم بن جماز ، وسعد بن ثابت بن جماز من مصر ومعهما كتاب من السلطان إلى القاضي شرف الدين ، مضمونه أن نحن قد سلمنا إمارة المدينة إلى الأمير بن مزروع ودي بن جماز ، وقد كتبنا له بذلك تقليدا ، فيمكن نوابه من المدينة ، ويمنع آل منصور أن يتعرضوا لأذيّة الناس ، وأن يمسكوا شيئا من جمال السواني فيرتحلوا عليها.
فخرج آل منصور من المدينة ، ولم يتعرضوا لجمال السواني. وتحمل الوزير المذكور بأهله وأولاده وماله على البقر. ثم وصل الأمير ودي إلى المدينة في شهر ذي القعدة ، وقرأ منشوره على دكة المؤذنين العليا ، وحبس الأمير طفيل نحو أربعين يوما ، ثم أخرج من الحبس ، وأنعم عليه بأخباز يستعين بها ، ورسم لهم بأملاكهم التي بالمدينة ، واستمر الأمير ودي حاكما في المدينة.
فلما توفي الملك الناصر في شهر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة توجه ودي إلى مصر فقرر على ولايته ، ورجع إلى المدينة واستمر حاكما إلى سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة.
فلما كان في شهر ذي القعدة من السنة المذكورة ، توجه طفيل إلى المدينة ومعه جميع آل منصور بأهلهم وأموالهم ، ونزلوا تحت جبل سلع مما يلي المدينة ، وكان نائب المدينة عن ودي جحيدب ومعه قلاوون بن حسن بن مقبل ، فلما كان في السحر تلك الليلة التي قدموا فيها ، نصبوا سلما على السور ودخل المدينة من آل منصور فلم يقاتلهم أحد ، ثم داروا على الدروب فكسروا أقفالها ، وفتحوا أبوابها ، ودخلوا المدينة جميعهم ونهبت في تلك الليلة بعض الدور ، وكسرت العرب جميع دكاكين السوق ونهبوا ما فيها ، فلما طلع النهار نادى الأمير طفيل بالأمان ، فأمن الناس