وخرجوا إلى الأمير طفيل وهنوه بالنصر والولاية ، وقبض طفيل على جحيدب وقلاوون وقيدهما في بعض دور المدينة ، فأقاما نحو ثمانية أيام ، ثم قتلا خنقا ، والعياذ بالله.
واستقر الأمير طفيل في المدينة ، فكانت مدة ولاية الأمير ودي سبع سنين وشهرا وأربعة أيام ، ثم إن الأمير طفيلا بعث إلى مصر أخاه جمازا مع الركب المصري ، فأنعم عليه السلطان وقرر طفيلا على إمارة المدينة ، وكتب له بعد تقليدا ، وبعث إليه بالخلعة والتقليد ، وكان السلطان يومئذ الملك الصالح إسماعيل بن محمد ، ثم توجه طفيل إلى مصر فأكرمه السلطان وقرره على ولايته ، ومكث الأمير ودي عند أهله وأقاربه إلى أن توفي رحمهالله في سنة خمس وأربعين وسبعمائة.
وكان أميرا رئيسا محتشما مهيبا معظما ، ذا عقل ورأي ، ودهاء وشجاعة. وكان ولده عسكر أعظم منه في هذه الأوصاف كلها. توفي رحمهالله في حياة والده بالمدينة المشرفة في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة ، ومولده سنة تسع وتسعين وستمائة.
ولما توفي الأمير ودي قدّم آل جماز عليهم فضل بن قاسم ، فلما كان في شهر المحرم سنة تسع وأربعين ، جاء الأمير فضل مع جماعة من أصحابه إلى المدينة وتسور السور ودخلوا المدينة ، وجاؤوا إلى الساحة وكسروا قفل درب الغنم ، ودخلوا بخيلهم ورجلهم ولم يشعر بهم أحد ، ثم قصدوا القلعة ودقوا بابها ، فلما علم بهم من كان بالقلعة ، صاحوا واستيقظ أهل المدينة وفزعوا إلى القلعة ، فالتقوا مع آل جماز ، وجرى بينهم قتال ، ثم انتصر أهل المدينة عليهم ، وأخرجوهم من الدرب فرجعوا إلى أهلهم ولم يحاصروا المدينة ، واستمر الأمير طفيل رحمهالله حاكما على طريقة حسنة ، ومآثر مستحسنة ، إلى سنة خمسين وسبعمائة ، فصدرت منه أشياء عن تدبير بعض الوزراء لا تليق بمثله ، فكتب فيه القاضي شرف الدين الأميوطي ، وقد ذكرنا ذلك.
في أثناء تلك السنة جاء الخبر أن السلطان قد ولى سعد بن ثابت بن جماز إمارة المدينة. فلما كان في شهر ذي القعدة جمع الأمير طفيل جميع