آل منصور وخلقا كثيرا من العرب ، وعزم على منع سعد بن ثابت من دخول المدينة. فقدم سعد مع الركب الشامي ، فبلغه ما عزم عليه الأمير طفيل ، فطلب المساعدة من أمراء الركب الشامي ، فامتنعوا. وقالوا : لا بدّ من إذن السلطان لنا في ذلك ، فرحل سعد من البركة ، وبعث إلى السلطان يستأذنه في ذلك ، ودخلت الحواج جميعها دفعة واحدة ، وهم خائفون مما يحدث عند تغير الدول ـ والعياذ بالله ـ وأقاموا في المدينة يومين ، ورحلوا جميعهم دفعة واحدة في صبيحة اليوم الثالث ، وأودعوا في المدينة ما جرت عادتهم في ذلك.
فلما كان في اليوم السادس عشر من ذي الحجة جاء قاصد الأمير طفيل من مكة ، وأخبر آل منصور بما أزعجهم وهو مرسوم السلطان لجميع أمراء الحواج أن يمكنوا سعدا في المدينة.
فلما كان في ليلة الجمعة ثامن عشر الشهر المذكور ، اتفق رأي آل منصور على نهب المدينة ، وكان الأمير طفيل لذلك كارها ثم غلب على رأيه ، ونهب آل منصور وأتباعهم ، ومن معهم من بني حسين ، ومن حضر المدينة من الخيابرة وغيرهم ، جميع الوضيع الذي للحاج الشامي ، ولم يسلم لهم إلا النادر في بيوت معدودة كما تقدم ، ونهبوا دور الخدام والمدارس ، واستمر النهب من عشية الخميس إلى آخر نهار الجمعة ، وخرج آل منصور جميعهم من المدينة في ليلة السبت.
وجلست هيمان بنت مبارك بن مقبل في القلعة في شباك الإمارة يوم السبت ، وتسلمت مفاتيح الدرب وحكمت في المدينة يوم السبت ويوم الأحد إلى الظهر. ثم وصل محمد بن مقبل بن جماز وغيره ، ودخل الأمير سعد بن ثابت يوم الثلاثاء مع الركب المصري ، وقرئ منشوره يوم الجمعة الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة خمس وأربعين وسبعمائة.
وفي سنة إحدى وخمسين ابتدأ الأمير سعد في عمل الخندق الذي حول السور ، ومات ولم يكمله ، وأكمله الأمير فضل في ولايته ، ولما كان في شهر شوال من السنة المذكورة جاء آل منصور على غفلة ، ودخل المدينة منهم ثلاثة أمراء من سور باب البقيع ، وحاولوا كسر قفل الدرب ، فأعجلهم