بعض الترك من المدينة ، فرجعوا من حيث دخلوا وأصبحوا محاصرين المدينة ، ورعوا الزرع وقطعوا الأشجار.
ولما كان في أول سنة اثنتين وخمسين ، توجه الأمير طفيل إلى مصر فغضب عليه السلطان وحبسه في القلعة ، وكتب السلطان إلى الأمير سعد يأمره يحضر ما أخذ طفيل للحاج ، ولأهل المدينة ، فحضر بعض ذلك ، وكتب به محضرا وسير به إلى السلطان وكثرت شكاوى التجار على طفيل ، فغرم للبعض وصالح البعض ، وندم على ما وقع ، واستمر محبوسا إلى أن توفي في الحبس في شهر شوال من السنة المذكورة.
وكان ـ رحمهالله ـ خليقا للملك ، سلطانا مهيبا معظما محببا إلى الرعية ، عالي الهمة ، كامل السؤدد ، جم المناقب ، يوالي المجاورين ، ويحسن إليهم ويقبل شفاعتهم ، ووالانا بأحسن الموالاة ، ونصرنا في مواطن عديدة ، وكان بينه وبين أخي علي صحبة أكيدة قلّ أن يرد شفاعته ، تغمده الله برحمته.
وفي هذه السنة توجه الأمير سعد لقتال آل منصور ، فانهزم عنه أصحابه ، وجرح ورجع إلى المدينة في شهر ربيع الآخر وهو مريض ، فتوفي من ذلك الجرح في ثامن عشر ، فكانت ولايته سنة وثلاثة أشهر وستة وعشرين يوما.
وكان في دولته من أحسن الأمراء سيرة ، شجاعا وافر الحشمة ، ناصرا للسنّة قامعا للبدعة ، متخلقا بذلك مستجلبا به رضى السلطنة.
ولما توفي الأمير سعد رحمهالله اجتمع آل جماز وأجمعوا على تقديم الأمير فضل بن قاسم بن قاسم بن جماز ، وحالفوه على الطاعة والنصرة ، وخطب له على المنبر ، وتوجه مانع بن علي إلى السلطان يستنجز له مرسوما ، فأجابهم السلطان إلى ذلك ، وبعث إليه بالتقليد والخلعة ، ووصل بهما مانع بن علي في شهر جمادى الآخرة ، وقرئ منشوره على دكة المؤذنين ، واستمر في الولاية إلى آخر السنة سنة أربع وخمسين وسبعمائة ، فمرض مرضا شديدا وتوفي في السادس والعشرين من ذي القعدة ، ودفن في