قبة الحسن والعباس ، كان رحمهالله شهما شجاعا ، مقدما مهيبا ، سايسا ذا رأي صليب ، وغور ودهاء ومعرفة بالأمور.
ولما توفي الأمير فضل ، أجمع رأي آل جماز على تقديم الأمير مانع بن علي بن مسعود بن جماز ، وحالفوه على الطاعة ، وتوجه إلى مصر محمد بن مقبل بن جماز يسعى لمانع في تقرير الولاية ، وسافر معه محمد بن مبارك بن جماز ، وقيل : إنه قصد السعي لنفسه في الولاية ، فولى السلطان الأمير مانع وبعث له بالتقليد والخلعة مع محمد بن مقبل.
وكان الأمير مانع قبل ولايته متعبدا متدينا ، سليم الباطن ، فلما تولى إمارة المدينة ضعف رأيه عن تدبيرها ، وكثرت الفتن في أيامه ، وتتابعت الغارات على المدينة من آل منصور وضعف عن دفعهم ، فكان يستعين عليهم ببني لأم ، ويجزل لهم العطايا ، فنفد ما بيده وطلب المساعدة من أهل المدينة ، فساعدوه مرارا ، ثم طلب المساعدة من الخدام والمجاورين ، فساعدوه وتكلفوا ذلك مرارا ، ثم حصل منه جور على المجاورين وأهل المدينة ، فبلغ السلطان ذلك ، فبعثوا إلى الأمير جماز بن منصور ، وكان مقدما على جماعته من بعد وفاة الأمير طفيل ، وولوه إمارة المدينة ، ووصل إلى المدينة مستصحبا للتقليد والخلعة في الحادي عشر من شهر ربيع الأول من سنة تسع وخمسين وسبعمائة ، ولم يكن الأمير مانع يومئذ بالمدينة ، وكان فيها نائبه محمد بن مقبل. وقد تقدم ما جرى للأمير جماز معهم في ذكر ولاية القاضي تقي الدين الهوريني.
ولما استقر الأمير جماز في المدينة جرى في أحكامه على الشدة ، حتى خرج عن الحد ، ودانت له البادية والحاضرة ، وكان خليقا للملك ، شهما شجاعا وافر الحرمة ، عظيم الهيبة ظاهر الجبروت ، هذا وغالب أيامه كان مريضا ، وكانت ولايته ثمانية أشهر وعشرة أيام ، وقتل شهيدا في اليوم الحادي والعشرين من شهر ذي القعدة من السنة المذكورة ، قتله فداويان قدما مع الركب الشامي لذلك ، وقتل وهو في أعز ما يكون وأنصاره بين يديه رافعون.
وذلك لما قدم الركب الشامي ، خرج لتلقي المحمل السلطاني على