قلت :
ما حال من أبلت الأيام جدّته |
|
وخانه ثقاته السمع والبصر |
وقلت أيضا :
تفكرت في خمس وسبعين قدّمت |
|
من العمر لو مرت على حجر فنى |
ذهبن بعيش أخضر غير يابس |
|
شباب وشيب واستلاب محاسن |
............ (١)
زهت يا لها في وقتها من محاسن
وقد سلبت عني صفيّ أحبّتي |
|
وغابت ولم تقبل فدى من خزائني |
سلام على الدنيا سلام مودّع |
|
فكم جرّعتني مترعات الغبائن |
ولما كان في سنة ثلاث وستين وسبعمائة في شهر شعبان تحامل عليّ الأعداء ، وقصدوا إتلافي وإعدامي ، وكمنوا لي في السّحر عند خروجي لصلاة الصبح ، ورصدوني عند رأس الزقاق تحت دار سلطان بن نجاد ، وكان في أيام الصيف والمدينة خالية من أكثر الناس ، فخرجت على عادتي وبيدي مصباح ، وقدر الله أن الغلام تأخر عني في البيت فكنت وحدي.
فلمّا خرجت من زقاقنا وتوجهت إلى السوق سمعت خلفي عدوا شديدا ، فلم التفت إليه ، وظننت أنه مارّ ، فعدا علي وضربني في ظهري بسكين ضربة شديدة عظيمة ، وقعت بها على الأرض ، ثم رجع من حيث جاء وظنّ أنه بلغ مقصوده ، فوقى الله شره وعتوه ، لكنه ظلعني ووهنني ، فصرت لا أحمل نفسي إلا بكلفة ومشقة ، وما دفع الله كان أعظم.
ولما تأخرت بسببها عن الصلاة في المسجد الشريف في شعبان ، وأكثر شهر رمضان المبارك ، شكوت حالي وقصصته على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقلت :
إليك رسول الله من عبدك الذي |
|
تعوّق عن مغناك من فتك ضربة |
عبيدك عبد الله جارك عمره |
|
نزيلك لم يبرح مؤمّل عطفة |
عليك (٢) رسول الله أشكو مصيبتي |
|
وشدّة أهوال أطافت بمهجتي |
__________________
(١) بياض ، وقد كتب في حاشية النسخ (أ) : كذا بالأصل.
(٢) كذا في جميع النسخ ، ولعلها : إليك.