فقال : أرى ما هناك يغيظهم ويكبتهم ، ارفعوا القباطي فرفعوها.
وأما ما يتأوله بعض الناس أن الزخرفة مأذون فيها من قوله عليه الصّلاة والسّلام : «لا تقوم الساعة حتى تزخرف المساجد» (١).
فهو غلط بيّن ، لأنه صلىاللهعليهوسلم عدّ هذا من الأشياء التي تدل على فناء الدين وذهاب من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
فقال : «من أشراط الساعة أن تزخرف المساجد كأنها البيع والكنائس» (٢).
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ذهب الرجال العاملون بعلمهم |
|
والمنكرون لكل أمر منكر |
وبقيت في خلف يزيّن بعضهم |
|
بعضا ليدفع معور عن معور |
وما أشين البدعة في مثل هذه الحضرة التي عرض على النبي صلىاللهعليهوسلم تزيينها ورفع جذوعها.
فقال : «بل عريش كعريش أخي موسى» (٣).
أما ما فعل من ذلك لضرورة أو لعذر ما ، فيكاد أن يغتفر منه شيء ما وجد مبتدعه لبدعته عذرا إن خفف من ذلك قدرا ، وإنما الميزان القويم ، والقسطاس المستقيم ، في اتباع هذا النبي الكريم ، فالناس اليوم في جانب عن سنته واتباع ملته وطريقته ، وما أحق المجاورين له بالأدب معه ، والسؤال عن أحواله وأقواله فيتبعونها ، خصوصا قومة مسجده الشريف ، وخدّامه ، ويعلمون أن من خدمته صلىاللهعليهوسلم تعظيم العلم وأهله ورفع منزلتهم والقيام بحقهم ، والتغافل عن زللهم والشفقة على ضعيفهم ، لأن منزلتهم من النبي صلىاللهعليهوسلم رفيعة ، ونسبتهم إليه عظيمة ، إذ جعلهم الوارثين له ، ولا ميراث لهم إلا ما حملوه من سنته وشريعته.
وفي الحديث أن أبا هريرة رضياللهعنه دخل السوق فقال لأهله :
__________________
(١) روى أبو داوود ٣١١ (٤٤٩) قال صلىاللهعليهوسلم : «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد».
(٢) سنن ابن ماجه ١ / ٢٤٤ (٧٤٠) ، ورواية الحديث هنا بالمعنى.
(٣) سنن الدارمي ١ / ٢٣ (٣٨).