كفى حزنا أني مقيم ببلدة |
|
أخلائي عنها نازحون بعيد |
أقلب طرفي في البلاد فلا أرى |
|
وجوه أخلائي الذين أريد |
ثم إنه رحل ونزل أرض كرمان ، وأقام عند بعض ملوكها وعرّفه بحسبه ونسبه ، وكيف حسده إخوته ، وكيف قتل أباه ، وكيف كان خروجه عن إخوته ، فلما عرفوا مكانه وشرفه ، كتموا أمره ، مخافة أن يعرض له بسوء ، لأجل ما كان من أبيه وأخيه جذيمة الأبرش في ملوك فارس. وأكرموا مثواه ، وأعجبهم ما رأوا من فصاحته وجماله وكماله ، وكمال أمره ، فرفعوا قدره ، وأرادوا أن يزوجوه بكريمة من كرائم نسائهم (١)
وكان ذلك الزمان ملكهم ولد دارا بن دارا. وكان كثير العسف والظلم ؛ جبارا غشوما على رعيته وأهل مملكته ؛ وقد أضرهم. [م ٢٤٨] وكان إذا تزوجت امرأة من نسائهم ، ولم تزف إليه قبل زوجها ، قتلها وقتل أهلها وبعلها. ولا يقدر أحد أن يبني بامرأة إلا بعد أن يفتضها (٢) الملك ويجامعها ، كانت بكرا أو ثيبا ، فأخبروا سليمة صنع الملك فيهم ، وشكوا إليه جوره ، وأنهم لا يقدرون عليه لكثرة حماته وحرّاسه ، فقال سليمة : «ماذا لي عليكم إذا كفيتكموه وأرحتكم منه؟». فقالوا «أنّى لك ذلك ، ولم يقدر عليه من كان قبلنا من أهل العز والسلطان؟». فقال : «تدبير (٣) الأمر عليّ. فماذا لي عليكم؟. فقالوا : «ما شئت». قال : «إذا كان الغد (٤) ، فليحضر عندي أهل الوفاء والعهد منكم والتقديم». فلما كان الغد (٥) اجتمع إليه عظماء كرمان وأشرافها أهل الوفاء.
__________________
(١) في الأصل (كرايم)
(٢) يقال افتض فلان جارية وافتضها إذا افترعها ، وافترع البكر دخل عليها (لسان العرب)
(٣) في الأصل (تبدير)
(٤) في الأصل (الغدا)
(٥) في الأصل (الغدا)