وفي زمنه بعث هارون الرشيد عيسى بن جعفر (١) في ألف فارس وخمسة آلاف راجل ، فكتب داود بن يزيد الملهبي إلى الإمام الوارث (٢) يخبره أن عيسى وصل بعسكره (٣) فأخرج إليه الإمام فارس (٤) ابن محمد ، والتقوا بحتّى ، فانهزم عيسى بن جعفر ، وسار إلى مراكبه بالبحر ، فسار إليه أبو حميد بن فلج الحداني السلوتى ، ومعه عمرو بن عمر ، في ثلاثة مراكب ، فأسر عيسى وانطلق به إلى صحار ، فحبس بها. فشاور [م ٢٧٤] فيه الإمام الشيخ علي بن عزرة [وكان من فقهاء المسلمين](٥) ؛ فقال له : «إن قتلته فواسع لك ، وإن تركته فواسع لك». فأمسك الإمام عن قتله ، وتركه في السجن.
وبلغنا [أن قوما](٦) من المسلمين ـ فيهم يحيى بن عبد العزيز ، رحمه الله ـ انطلقوا من حيث لا يعلم الإمام ، حتى أتوا صحار ، فتسوروا السجن ، وقتلوا عيسى من حيث لا يعلم الوالي ولا الإمام ، وانصرفوا من ليلتهم.
فلما قتل عيسى بن جعفر ، عزم هارون على إنفاذ جيش إلى عمان ، فارتاعوا منه ، ثم إنه مات قبل ذلك ، وكفاهم الله شره.
وبلغنا أن يحيى بن عبد العزيز كان من أفاضل المسلمين ، ولعله لم يتقدم عليه أحد من أهل زمانه في الفضل ، ولعل كانت شهرته بعمان كشهرة عبد العزيز بن سليمان بحضرموت.
__________________
(١) في الأصل (جيفر)
(٢) في الأصل (وارث)
(٣) في كتاب الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٢٥) وكذلك في الشعاع الشائع لنفس المؤلف (ص ٣٢) جاءت العبارة (أن عيسى قاصده بعسكره)
(٤) كذا في الأصل ، وكذلك في الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٢٥) وفي تحفة الأعيان للسالمى (مقارش بن محمد) ج ١ ، ص ١١٨
(٥ ، ٦) ما بين حاصرتين إضافة للتوضيح من تحفة الأعيان للسالمى (ج ١ ، ص ١١٨)