وبلغنا عن الشيخ بشير بن المنذر كان يقول : قاتل عيسى بن جعفر لم يشمّ النار.
ولم يزل الوارث إماما حسن السيرة ، قائما بالعدل ، حتى اختاره الله. وكان سبب موته أنه غرق في سيل وادي كلبوه من نزوى ، وغرق معه سبعون رجلا من [م ٢٧٥] أصحابه ـ وسبب ذلك لعله حبس المسلمين عند سوقم مائل (١) وكان ناس محبوسين ، فسال الوادي جارفا ؛ فقيل للإمام : «إن الوادي سيلحق المحبوسين». فأمر بإطلاقهم ، فلم يجسر أحد يمضى إليهم ، خوفا من الوادى فقال الإمام «أنا أمضي إليهم ، إذ هم أمانتي ، وأنا المسؤول عنهم يوم القيامة» ، فمضى إليهم واتبعه ناس من أصحابه فمر بهم الوادي ، فحملهم مع المحبوسين (٢).
وقبر الإمام ـ من بعد أن يبس الوادي ـ بين العقر وسعال وقبره معروف مشهور وكانت إمامته اثنتي عشرة سنة وستة أشهر إلا أياما ، والله أعلم.
إمامة غسان بن عبد الله اليحمدي :
ثم ولى من بعده غسان بن عبد الله اليحمدي الأزدي ، فوطأ آثار المسلمين ، وعز الحق وأهله ، وخمد الكفر.
وكانت في زمنه البوارج تقع على عمان ، وتفسد فيها ، وفي سواحلها (٣)
__________________
(١) في الأصل (مايل).
(٢) سنة ١٩٢ هجرية.
(٣) البوارج ومفردها بارجة نوع من السفن الكبيرة والمقصود هنا الإغارات التى كان يقوم قراصنة الهند على شواطىء عمان قال السالمي في تحفة الأعيان (ج ١ ، ص ١٢٣) «إن كفار الهند يقعدون بأطراف عمان ، ويسلبون منها ، ويسبون ، ويمضون إلى ناحية فارس والعراق».