ومن هنا فإن معرفة اسم المؤرخ أو الكاتب أو المؤلف ، ضرورية في كثير من الحالات ، لأنها بمثابة طرف الخيط الذي يؤدي بنا إلى تتبع ما يمكن الوقوف عليه من معلومات تحدد مذهبه وثقافته وميوله واتجاهاته الفكرية ، وحياته الخاصة والعامة ، مما يمكننا من الحكم على إنتاجه حكما سليما متكاملا.
وثمة ملاحظة على المخطوطات التي تعالج التراث العماني. هي أن معظم ما نشر منها حتى الآن يرجع تاريخ تأليفه إلى وقت متأخر ، يعود إلى ما بعد بداية القرن الحادي عشر للهجرة ، السابع عشر للميلاد.
ولكن المتمعن في هذا التراث يجد المؤلفين المتأخرين زمنيا أخذوا واستقوا عمن تقدم عليهم وسبقهم. وهناك إشارات في المؤلفات التي بين أيدينا إلى أعلام سابقين ومؤلفين في القرون السالفة لم نعثر على آثارهم حتى الآن ، ومن هنا تنبع أهمية هذه المؤلفات التي نعتبرها حديثة نسبيا في التراث العماني لأنها حفظت لنا بدورها جزءا هاما من تراث السابقين. وربما تكشفت الأيام عن أن كثيرا من المؤلفات القديمة ، قد فقد تماما ، وصار من المتعذر الوقوف على ما جاء فيه إلا من خلال هذه الكتب التي نظنها حديثة لأنها ألفت في عصور تالية ، وأخذت عمن سبقها.
وهنا نشير إلى أنه لم تكن هناك أية غضاضة في أن ينقل الؤرخ عمن سبقه من المؤرخين ، لأنه يعتبرهم المصدر الذي يستقى منه ، والذي عايش الفترة الزمنية التي يكتب عنها ، وعاصر الناس والأحداث الذين يؤرخ لهم. فابن الأثير مثلا لا يقلل من شأنه أنه اعتمد على الطبري وأشباهه في كتابته عن القرون الأولى للهجرة الشريفة. وبالمثل فإنه لا يقلل من شأن السالمي وابن رزيق أنهما أخذا عمن سبقهم من مؤرخي عمان ، وأشارا إلى بعضهم.