وكان قتالهم وحربهم ونيتهم طلبا للملك ، [م ٢٩٠] ورغبة في الرئاسة (١) ، وكل منهم يود أن يكون الملك بيده ، أو بيد من مال إليه بوده ، فسلط الله من هو للملك أطلب منهم ، وأفسدوا دينهم ، فنزع الله عنهم دولتهم ، فسلط عليهم عدوهم. وكانت دولة الأباضية منذ ملكوها إلى أن خرجت من أيديهم مائة سنة وثلاث وستون سنة إلا شهرا واثني عشر يوما ، والله أعلم (٢).
وبعث محمد بن بور برأس عزان بن تميم إلى الخليفة [المعتضد] ببغداد ورجع محمد بن بور إلى نزوى ، وأقام بها.
ثم إن الأهيف بن حمحام الهنائي (٣) كاتب مشايخ عمان وقبائلها (٤) من كل مكان ، يدعوهم إلى مقاتلة (٥) محمد بن بور ، ويحثهم على إخراجه من عمان ، فأجابوه ، وأقبلوا إليه ، فسار بعسكر ضخم وجيش جرار يريد محمد بن بور ، وبلغ ذلك محمد بن بور ، فدخل الرعب في قلبه ، فخرج هاربا ، فتبعه الأهيف بعساكره ، وكان الرأى الصائب (٦) أن لا يلحقوه بل يسيروا خلفه رويدا رويدا ، حتى يخرج [م ٢٩١] من عمان ويرجعوا.
وكان لله إرادة ، ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، فساروا سريعا حتى لحقوه بدما ، واقتتلوا قتالا ، حتى كثر القتل والجراح في الفريقين ، وقد كادت
__________________
(١) في الأصل (الرياسة)
(٢) في الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٣٦) : فكانت دولة الأباضية مذ ملوكها إلى أن خرجت من أيديهم مائة سنة وستين سنة إلا شهرا وإثني عشر يوما ، والله أعلم
(٣) في الأصل (الهناوى)
(٤) في الأصل (وقبايلها)
(٥) في الأصل (مقابلة)
(٦) في الأصل (الصايب)