فهو القائد الشجاع الذي لا يلين أمام العدو ، والمحارب الذي يتقدم الصفوف دفاعا عن الأرض والعرض ، والفارس الذي يتحلى بشمائل الفروسية العربية من كرم ومروءة وشهامة ونجدة ... وغيرها حتى في وفاته تحرص الرواية التاريخية على أن تبرز مالك بن فهم وقد مات موتة البطل الشهيد الذي سقط ضحية سهم طائش أطلقة أعز أبنائه وأقربهم إلى قلبه ، دون أن يدري أن السهم الذي أطلقة إنما يتجه إلى صدر أبيه ، فسقط مالك بن فهم شهيدا ، وهو يردد بيت الشعر الذي صار مضرب الأمثال :
أعلمه الرماية كل يوم |
|
فلما اشتد ساعده رماني |
وفي مواجهة العجم ، تحرص الرواية التاريخية في هذا الكتاب على أن تؤكد فضائل العرب ومكارم أخلاقهم ، وتمسكهم بما اشتهر به أهل البادية من غيرة على الشرف ، واحترام لأعراض الناس ، وإسراع إلى نجدة الملهوف ويبدو هذا بوضوح في الرواية التي جاءت في المخطوطة عن خروج سليمة بن مالك بن فهم إلى بلاد العجم ، وكيف ساعدهم على الخلاص من ملكهم الذى دأب على انتهاك أعراضهم والعبث بشرفهم.
ويبدو أن المواجهة بين العرب والعجم على جانبي الخليج جعلت عرب عمان أكثر اعتدادا بعروبتهم وأصالتهم. وقد ظهر هذا الاتجاه بوضوح في صفحات هذا الكتاب ، عند ما نجد المؤلف يحرص على إبراز مزايا العرب في مواجهة العجم ، وأن العرب كانوا أكثر تمسكا بفضائل العروبة وروح الشهامة والمروءة والذب عن العرض والشرف ... وهي الصورة التي تبدو على طرف نقيض مع ما كان عليه المجتمع الفارسي على الجانب المقابل للخليج ، والذي فشت فيه المثالب والأمراض الاجتماعية.
فإذا ما ظهر الإسلام ، حرص مؤلف الكتاب على إبراز سرعة الاستجابة التي لبى بها أهل عمان الدعوة إلى الاسلام ، فدخلوا في دين الله في سهولة ويسر ، ونهضوا بدورهم كاملا كعضو عامل فعال في المجتمع الإسلامي الجديد.