فى ذلك الثقب ثم يخرج ويعوم فى البحر ، ولا تزال الطيور كذلك إلى أن يقبض ذلك الثقب على طير منها فيبقى معلقا بمنقاره إلى أن يموت ويلقيه ، وكذلك فى كل سنة ، وهذا لا يختلف فيه أحد من أهل البلاد ، وحدثنى رجل كبير من أهل البلاد أنه إذا كانت سنة جيدة قبض الجبل على طيرين ، وإذا كانت متوسطة قبض على طير واحد ، وإذا كانت قليلة الخير لا يقبض شيئا (١) ، والله أعلم ، وبهذا الجبل كنيسة قطعة واحدة قد استخرجوها ونحتوها منه يقال لها : كنيسة الكف ، يقال : إن المسيح عليه السلام أقام بها وبها كفه.
وبالصعيد جبل الساحرة وله حكاية ، وهو صنم مطل على البحر ، وفى بلاد الصعيد وجبالها مغاثر مملوءة من الناس الموتى والطيور والسنانير والكلاب جميعهم بأكفانهم إلى اليوم ، والكفن كأنه قماط المولود عليه أدوية لا تبلى فإذا حللت الكفن عن الحيوان تجده لم يتغير منه شىء.
ورأيت جويرية قد أخذ كفنها وفى يديها ورجليها آثار خضاب بالحناء ، والموميا يؤخذ من رءوسهم ، ولا يعرف من أى أمة هم ، والموميا الذي يؤخذ منهم خير من المعدنى الفارسى ، وبجبال مصر والصعيد حجارة كأنها الدنانير المصرية (٢) والرباعيات وعليها شبه السكة وحجارة كأنها العدس ما لا حد عليه ، يزعمون أنها أموال فرعون وقومه مسخت (٣) قال الله تعالى فى الأعراف : (وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) (سورة الأعراف : ١٣٧).
بهدال : وغربى المنية قرية تعرف ببهدال بها مشهد ينزل عليه النور ، وهو مشهور بهذه الفضيلة ، والله أعلم.
البهنسة : مدينة بها مسجد الديوان وهو موضع أقام فيه المسيح وأمه سبع سنين (٤) ، وهذا المشهد ظاهر البلد من غربيه وبها البرابى العجيبة والآثار القديمة.
اللاهون : بلد به مسجد يوسف الصديق ، عليه السلام ، والسّكر الذي بناه (٥).
__________________
(١) ياقوت ج ٢ ص ١٠٢.
(٢) لدى ياقوت ج ٣ ص ٤٠٨ وهو ينقل عن الهروى : «المضروبة».
(٣) أورده ياقوت ج ٣ ص ٤٠٨ نقلا عن الهروى.
(٤) ياقوت ج ١ ص ٥١٧.
(٥) أورده ياقوت بنصه ج ٥ ص ٩ ولديه : «والسّكر الذي بناه لردّ الماء إلى الفيوم».