بيته ، وقمت فأنشدتها الداعي ، وأخذت خضله وسلبته نصله ، وفزت بالمال والثياب ، ثم فاضت ينابيع كرمه على الجماعة ، فما منهم إلا من خلع عليه ، وأجزل صلته.
ولما كان في شهور سنة سبع وأربعين (١) ، ابتاع الداعي محمد بن سبأ ، من الأمير منصور بن المفضل (٢) ، جميع المعاقل التي كانت لبني الصليحي ، وهي ثمانية وعشرون حصنا ، ومدائن منها : مدينة ذي جبلة ، وذي أشرق ، وأب فأخذها (١٢) منه بمئة ألف دينار. ونزل منصور إلى حصني صبر ، وتعز ، وطلق زوجته الصليحية [٦٧]. وهي أروى بنت علي بن عبد الله الصليحي (٣) ، وصعد الداعي إلى المخلاف ، فسكن بذي جبلة ، وتزوج امرأة الأمير منصور بن المفضل ، وتزوج أيضا بنت السلطان أسعد بن وائل بن عيسى ، الحرة الوحاظية ، وأسكنها بدار ابن سباع بعد الصريحين ، وأكثر الشعراء تهنئته ، وتمدحه (٤) بالمعاقل والعقائل ، الزوجات المذكورين وطاش فرحا لما صار إليه ، وبسط يده بالعطايا ، حتى أذكر يوما وقد طلعت صبيحة أنا ، والشيخ أبو الحسن بن علي بن محمد الصليحي ، والشيخ المرجي الحراني ، إلى ذي جبلة ، ومن ذي جبلة إلى حصن حب. وكل من رفع إليه رقعة وقع له فيها بما مثاله : العزة لله وحده.
فلما انتهينا إلى الحصن أحصينا الرقاع التي بأيدي الناس ، وكان خازن ماله الشيخان : أحمد بن موسى بن أبي الزر العامل ، والشيخ ريحان المحمدي ، فجاء مبلغ الرقاع خمسة آلاف دينار. فاستكثرها الشيخ أحمد بن موسى ، فقال : نشاوره على ذلك. وقال الشيخ ريحان : أما أنا ، فما أكره
__________________
(١) في الأصل : تسع وأربعين والتصحيح من خطط : ٢ / ١٧٤ وهذا هو الصحيح لأن الداعي سبأ توفي سنة ٥٤٨ كما حكاه عمارة : ٥٧.
(٢) وكان قد تولى على ملك بني المظفر في أشيح بعد وفاة أبيهم سنة ٥٠٤ وملك حصون الصليحيين بعد وفاة الملكة أروى سنة ٥٣٢.
(٣) راجع التعليق على الحاشية : ١٠٨ (كاي).
(٤) في الأصل : ومدحه.