والعهدة على الحاكي : أنه لم يكن يثق بإيمان أحد من المهاجرين حتى يذبح ولده أو أباه أو أخاه. ويقرأ عليه : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)(١). وأعرف صبيا منهم كان جارا له ، وكان يتفقه ، راحت والدته إليه تزوره فذبحها.
وأما اعتقاد أصحابه فيه ، فهو فوق ما يعتقده الناس في الأنبياء ، صلوات الله وسلامه عليهم. وذلك أن الواحد من آل ابن مهدي هؤلاء ، يحسن عنده أن يقتل جماعة من عسكره ، ثم إذا قدروا عليه لم يقتلوه دينا وعقيدة. وإذا غضب على رجل من أكابرهم وأعيانهم حبس نفسه في الشمس ، ولم يطعم ولم يشرب ، ولم يصل إليه ولده ولا زوجته ، ولا يقدر أحد أن يشفع فيه ، حتى يرضى عنه ابتداء من نفسه.
ومن طاعتهم له أن كل واحد منهم يحمل ما تغزله زوجته وبناته إلى بيت المال ويكون ابن مهدي هو الذي يكسو الواحد منهم (٢). ويكسو أهله من عنده. وليس لأحد من العسكرية فرس يملكه ، ولا يرتبطه في داره ، ولا عدة ولا سلاح ، ولا غيرها ، بل الخيل في اسطبلاته ، والسلاح في خزائنه. فإذا عن (٣) له أمر دفع لهم من الخيل والعدة ما يحتاجون إليه.
ومن سيرته أن المنهزم من عسكره ، يضرب رقبته ، ولا سبيل إلى حياته. ومن سيرته قتل من شرب المسكر ، وقتل من سمع الغناء ، وقتل من زنى ، وقتل من تأخر عن صلاة الجمعة ، وعن مجلسي وعظه وهما يوم الخميس ، ويوم الإثنين ، وقتل من تأخر فيهما عن زيارة قبر أبيه (٤). وهذه الرسوم إنما هي في العسكرية. وأما الرعايا فالأمر فيهم ألطف من أمر
__________________
(١) سورة ٥٨ ؛ آية : ٢٢.
(٢) نظام شيوعي اشتراكي.
(٣) في الأصل : عز.
(٤) في الأصل : عن زيارة أبيه مقبورا وأثبتنا رواية خ.