النبيين وسيد المرسلين ، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين الأئمة المهتدين (١) وسلم تسليما.
أما بعد ، فإن نعم الله عند أمير المؤمنين لا يحصى لها عد (٢) ، ولا تقف عند أمد ولا حد ، ولا تنتهي إلى الإحاطة بها الظنون ، لكونها كالسحاب الذي كلما انقضى [منها](٣) سحاب أعقبه (٤) سحاب هتون. فهي كالشمس الساطعة الإشراق ، الدائمة الانتظام والاتساق ، والغيوث المتتابعة الاتصال ، المتوالية في الغدو والآصال. ومن أشرفها (٥) لديه قدرا ، وأعظمها صيتا وذكرا ، وأسناها جلالا وفخرا ، الموهبة بما جدده الآن ، بأن رزقه مولودا زكيا (٦) مرضيا ، برا تقيا. وذلك في الليلة المصبحة بيوم الأحد الرابع من شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وخمس مئة. ارتاحت إلى طيب ذكره أسرة المنابر ، وتطلعت إلى مواهبه آمال كل باد وحاضر ، وأضاءت بأنوار عزته (٧) ، وبهجة طلعته ظلم الدياجر ، وانتظمت به للدولة (٨) الزاهرة الفاطمية عقود الفضائل (٩) والمفاخر. استخرجه من سلالة النبوة كما يستخرج النور من النور ، ومنح أمير المؤمنين منه ، ما قدح به زناد السرور (١٠). وسماه الطيب ، الطيب عنصره ، وكناه أبو القاسم كنية جده نبي الهدى المستخرج جوهره من جوهره. وأمير المؤمنين يشكر الله تعالى على ما من به من إطلاعه كوكبا منيرا في سماء دولته ، وشهابا مضيئا في فلك جلالته (١١) ورفعته ، شكرا
__________________
(١) في عيون : المهديين.
(٢) في الأصل : لا تحصى له بعد.
(٣) زيادة من عيون.
(٤) في الأصل : أعقبها.
(٥) في عيون : أفضلها.
(٦) في عيون : زكيا ضياو ومرضيا.
(٧) في عيون : غرته.
(٨) نفسه : الدولة.
(٩) في الأصل : المفاصل.
(١٠) في الأصل : بما قدح زناد السرور وأثبتنا رواية عيون عيون.
(١١) في عيون : جلاله.