عراف ومعه علي بن القم ووزير المكرم ، وكان حنقا على المكرم ودولته. فداخله الوزير خلف ولاعب ابنه الحسين الشطرنج ، ثم انتقل إلى ملاعبة أبيه ، فاغتبط به ، وأطلعه على رأيه في الدولة ، وأنه يتشيع لآل نجاح. وتمتم (١) بعض الأيام وهو يلاعبه ، فسمعه علي بن القم واكتشف أمره ، فكشف له القناع واستحلفه. وجياش أثناء ذلك يجمع أشياعه من الحبشة وينفق فيهم الأموال ، حتى اجتمع له منهم خمسة آلاف. فثار بهم في زبيد سنة اثنتين وستين (٢) ، ونزل دار الإمارة. ومن على أسعد عراف (٣) ، وأطلقه لزمانة كانت به. وبقي ملكا على زبيد وتهامة يخطب للعباسيين. والصليحيون يخطبون للعبيديين. والمكرم يبعث العرب للغارة على زبيد ، كل حين ، إلى أن هلك جياش على رأس المئة الخامسة. وكانت كنيته أبو الطامي ، وكان موصوفا بالعدل.
وولى بعده ابنه الفاتك بن جياش. وخالف عليه أخواه : إبراهيم وعبد الواحد وجرت بينه وبينهما حروب ، وكان الظفر له آخرا ، ثم هلك سنة ثلاث وخمس مئة.
ونصب عبيده للملك ابنه منصور بن فاتك ، صبيا لم يحتلم ، ودبروا ملكه ، وجاء عمه إبراهيم لقتاله ، وبرزوا له ، فثار عمه عبد الواحد بالبلد. وبعث منصور إلى المفضل بن أبي البركات ، صاحب التعكر ، فجاء لنصره مضمرا للغدر به ، ثم بلغه انتقاض أهل التعكر عليه ، فرجع.
ولم يزل منصور في ملكه بزبيد ، إلى أن وزر من عبيده أبو منصور من الله ، فقتله مسموما سنة سبع عشرة وخمس مئة ، ونصب فاتكا ، ابنه طفلا صغيرا ، واستبد عليه ، وقام بضبط الملك ، ونعى عليه التعرض لحرم آل نجاح ، حتى هربت منه أم فاتك هذا ، وسكنت خارج المدينة.
__________________
(١) في الأصل : وانتمى.
(٢) في الأصل : ثنتين وثمانين.
(٣) في الأصل : أسعد بن شهاب.