الخبر عن دولة بني الزريع بعدن
من دعاة العبيديين باليمن ،
وأولية أمرهم ومصائرهم
وعدن هذه من أمنع مدائن اليمن ، وهي على ضفة البحر الهندي ، وما زالت بلد تجارة منذ عهد التبابعة ، وأكثر بنائهم بالأخصاص ، ولذلك يطرقها الحريق كثيرا ، وكانت صدر الإسلام دار ملك لبني معن. قال البيهقي : [١١٠] ينتسبون إلى معن بن زائدة (١) ، ملكوها من أيام المأمون ، وامتنعوا على بني زياد ، فقنعوا منهم بالخطبة والسكة.
ولما استولى الداعي علي بن محمد الصليحي على اليمن ، رعى لهم ذمار العروبة (٢) وقرر عليهم ضريبة يعطونها ، ثم أخرجهم منها ابنه أحمد المكرم ، وولى عليها بني الكرم من عشيرة جشم بن يام ، من همدان ، وكانوا في أقرب عشائره إليه. فأقامت في ولايتهم زمنا ، ثم حدثت بينهم الفتنة ، وانقسموا إلى فئتين : بنو مسعود بن الكرم ، وبنو زريع بن العباس بن الكرم ، وغلب بنو الزريع بعد حروب عظيمة.
قال ابن سعيد : وأول مذكور منهم الداعي سبأ بن أبي السعود بن الزريع ، أول من اجتمع له الملك بعد بني الصليحي ، وورثه عنه بنوه ، وحاربه ابن عمه ، علي بن أبي الغارات بن أبي مسعود بن الكرم ، صاحب الرعارع. فاستولى على عدن من يده ، بعد مقاسات ونفقات في الأعراب. ومات بعد فتحها بسبعة أشهر ، سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.
ولى ابنه الأعز ، وكان مقيما بحصن الدملوة [١١١] ، (٣) المعقل الذي لا يرام ، وامتنع عليه بعدن ، بلال بن جرير ، مولى بني زريع ، وأراد أن يعدل بالملك لمحمد بن سبأ بن أبي سعود بن زريع من مواليه. وخشي
__________________
(١) راجع التعليق على الحاشية ١١٠ (كاي).
(٢) في الأصل : العروبة.
(٣) راجع الحاشية ١ ، ٢ (كاي).