ومؤلف شرح القاموس المعروف «بتاج العروس (١)» تناول إلى حد كبير شرح الأعلام الجغرافية. وهو من أبناء اليمن ، فأولى بنا أن نتوقع من عمله الضخم عونا محسوسا في دراسة بلاده ، ولكنه ليس كذلك. إنما يخبرنا من وقت لآخر حين يذكر موضعا أنه زاره ، ثم لا يضيف إلى هذا من لدنه شيئا ، بل يكتفي بنقل عبارات الكتاب القدامى ، وبخاصة عبارات ياقوت.
وقد منيت بخيبة لا تقل عن هذه حين رجعت لمنتخبات ابن المجاور التي أوردها دكتور سبرنجر في كتابه Reiserouten. فابن المجاور يأتينا في أغلب الحالات بتقديرات للمسافات بين المواضع التي يذكرها مقدرة بالفراسخ ، ولكنها بيانات لا يمكن الركون إلى صحتها ، لأنها ليست فحسب تباين بعضها بعضا ، بل لا تتفق والأبعاد التي نستطيع استنباطها من قراءة الخرائط الحديثة دون الوقوع في أخطاء تذكر.
وما من سبيل لبلوغ أيما قدر ملموس من التقدم في الاستزادة من معلوماتنا الجغرافية عن اليمن ، إلا بجهود أفذاذ الرحالة ، الذين قد يتخذون من الدراسة التخطيطية (التبوغرافية) ، وبقايا الآثار في البلاد ، موضوعا لدراستهم ، ولسوف يرضيني أكثر الرضا ، أن أرى هذه الحواشي القليلة التي جمعتها بين دفتي هذا الكتاب ، ذات جدوى ، وإن تكن هينة في معاونة رواد الكشف الجغرافي ، وأن أراني فوق هذا قد نجحت في إبراز عمل لم يكن غير ذي بال ولا نفع.
ولقد أتيح لي عند حديثي عن كتاب الجندي أن أذكر الفصل الذي عقد عن قرامطة اليمن ، وقد أدرجته في هذا الكتاب مع ترجمة له. أما عمارة فلم يأت عنهم بشيء يذكر ، وعسير تعليل سر إغفاله ، إلا إذا افترضنا أن الموضوع لم تكن تحمده أذواق سادته الإسماعيلية بالقاهرة أو ميوله نحوهم. كذلك أتانا الخزرجي في كتابه «الكفاية» ببيان عن تاريخ القرامطة استقاه من الجندي ، ولم يكفه في هذه المناسبة أن يكون فحسب ناقلا عن
__________________
(١) المرتضى الزبيدي ، راجع ثبت المصادر في نهاية الكتاب.