ومنه ما حدثني به الزبرقاني بن الغويفر (١) العكي عن فلات الشاعر وهو القائل يذم قومه في قصيدته :
فمن يشتري عكا بفلس فإنني |
|
جميعا على قطع الخيار أبيعها |
كلاهما وغيرهما من الجمهور حدثنا عن القاضي عمر بن المرجل ، الحنفي نسبا ومذهبا ، وكان من أعيان العلماء ، قال : كان على باب زبيد من داخل السور دار لرجل من الحبشة ، يقال له فرج السحرتي ، وكان من أهل المعروف والصدقات الواسعة ، وكان من نزل بمسجده أكرمه وآواه ، ويتفكر ويدخل المسجد يتجسس أخبار الضيوف سرا ، من وكلائه وخدمه ، فخرج ذات ليلة فظفر بالمسجد برجل يقرأ القرآن. فسأله عن العشاء ، فأنشد قول المتنبي :
من علم الأسود المخصي مكرمة |
|
أعمامه الغرّ أم أخواله الصيد [٢٧](٢) |
فأخذه الحبشي في أعلى مكان في داره ، وأكرم مثواه ، واستخبره عن سبب قدومه إلى تهامة. قال الصليحي : إن لي عما يقال له شهاب (٣) ؛ وله ابنة يقال لها أسماء (٤) ، قليلة .. النظر في الجمال ، معدومة المثل ، في الأدب والعقل ، وخطبتها إليه ، فاشتط علي في مهرها. وأمها تقول ، لا تزوجها إلا لبعض ملوك همدان بصنعاء ، أو ملوك بني الكرندي بمخلاف جعفر. وقد استاموا (٥) علي في المال ، مبلغا ، لا قدرة لي عليه ، وأنا متوجه إما إلى بني معن بعدن ، وإما إلى بني الكرندي بالمعافر. قالوا : فدفع له القائد فرج السحرتي مالا جزيلا أضعاف ما أدى الصليحي ، وجهز العروسين جميعا أحسن جهاز يحتفل الملوك به لعقائلهم ، وأعاده إلى عمه فتزوج
__________________
(١) في الأصل : الفويقر.
(٢) راجع التعليق على الحاشية : ٢٧ (كاي).
(٣) قلادة : ٢ / ٢ / ورقة : ٦٢٨.
(٤) حاشية : ٢٨ (كاي) والتعليق عليها.
(٥) استام فلان السلعة ، يعني سأله تعيين ثمنها ، استام بها يعني غالى.