بعكوة. والعكوتان (١) جبلان منيعان لا يطمع أحد في حصارهما ، وفيهما يقول راجز (٢) الحاج إذا نفروا يخاطب عينه (٣) :
إذا رأيت جبلي (٤) عكاد |
|
وعكوتين من مكان باد (٥) |
فابشري يا عين بالرقاد |
وجبلا عكاد فوق مدينة الزرائب ، وأهلها باقون على اللغة العربية ، من الجاهلية إلى اليوم ، لم تتغير لغتهم ، بحكم أنهم لم يختلطوا قط بأحد من أهل الحاضرة في مناكحتهم ولا مساكنهم ، وهم أول قرار لا يظنون ، ولا يخرجون منه [٣٠].
ولقد أذكر أني دخلت زبيد في سنة ثلاثين وخمس مئة ، أطلب الفقه دون العشرين ، فكان الفقهاء في جميع المدارس ، يتعجبون من كوني لا ألحن في شيء من الكلام ، فأقسم الفقيه نصر الله بن سالم الحضرمي بالله تعالى : لقد قرأ هذا الصبي في النحو قراءة كثيرة. فلما طالت المدة والخلطة بيني وبينه ، صرت إذا لقيته يقول : مرحبا بمن حنثت في يميني لأجله. ولما زارني والدي وسبعة من إخواني إلى زبيد ، أحضرت الفقهاء فتحدثوا معهم ، فلا والله ما لحن أحد منهم إلا لحنة واحدة نقموها عليه.
ونعود إلى ذكر الداعي علي بن محمد الصليحي ، وأدركت العظام والأظفار في موضع الموقعة (٦) تنسفها الرياح. إذا اشتدت. ثم عاد الصليحي
__________________
(١) انظر حاشية : ٣٠ (كاي) والتعليق عليها.
(٢) في الأصل : زاجر.
(٣) في ياقوت : وقال الراجز الحاج يخاطب إذا نفر عينه.
(٤) في الأصل : جبلا.
(٥) في الأصل : بادي.
(٦) أي موقعة الزرائب.