وتفقه على الإمام أبى الحسن بن الخل ببغداد ، وسمع منه ، وحدث ، وأجاز له. وتولى القضاء بمكة والخطابة بها.
وولى قضاء القضاة ببغداد ، وتوفى بها ليلة التاسع عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وخمسمائة ، ودفن بالعطافية عند جده.
وذكره ابن الدبيثى فى ذيل تاريخ بغداد. وذكر من حاله ما ذكره المنذرى بزيادة فى ذلك وغيره ، فقال : وتولى القضاء بمكة والخطابة بها فى سنة تسع وسبعين وخمسمائة ، وخرج إليها فى هذه السنة.
وخطب فى أيام الموسم ، وصلى بنا الجمعة ، وكنت فى هذه السنة حاجا.
ولما عزل قاضى القضاة أبو طالب علىّ بن علىّ بن النجارى ، عن قضاء القضاة يوم الجمعة ، رابع شهر رمضان سنة أربع وثمانين وخمسمائة ولى أبو الحسن محمد بن جعفر العباسى ـ هذا ـ قضاء القضاة فى هذا اليوم.
وشافهه بالولاية الوزير أبو المعالى سعيد بن علىّ بن حديدة ، فحضر الجمعة ، ومعه العدول ، وأتباع مجلس الحكم ممن كتب عهده وقرئ. وخلع عليه فى الشهر المذكور.
فلم يزل على حكمه وقضائه ، يسمع الشهادات ، ويثبت الحقوق ، ويقبل الشهود ، إلى أن عزل يوم الاثنين ثانى عشر جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانين وخمسمائة بمحضر من القضاة والعدول والفقهاء عند أستاذ الدار العزيزة ـ شيد الله قواعدها بالعز ـ أبى المظفر عبيد الله بن يونس ، بسبب كتاب أثبته باسم الحسن بن زركل الاسترابادى التاجر ، على فاطمة بنت محمد بن حديدة زوجة أبى المعالى بن حديدة ـ الذى كان وزيرا ـ بشهادة أحمد بن علىّ بن كردى ، ومحمد بن محمد بن المهتدى.
وكان الكتاب مزورا على المرأة المذكورة ، وتولى إثباته أبو الفتح محمد بن محمود بن الحرانى ، وكان أحد العدول ، وأقر أنه مزور ، وأن قاضى القضاة ارتشى على إثباته من الحسن الاسترابادى ، خمسين دينارا وثيابا. فسئل العباسى عن ذلك ، فأنكر وقال : هذا سجلى ، وثبت عندى بشهادة الشاهدين المذكورين ، فحضر محمد بن محمد بن المهتدى وأنكر : أنه شهد على المرأة المذكورة ، وأنه شهد عند العباسى به.
فاستفتى الفقهاء الحاضرون : إذا أنكر الشاهد أنه شهد عند الحاكم بشىء ، هل القول قوله أو قول الحاكم؟.