وقد بلغنى عن الشيخ علاء الدين القونوى ـ وأدركت أصحابه ـ أنه قال فى مثل ذلك : إنما يؤول كلام المعصومين ، وهو كما قال ، وينبغى أن لا يحكم على ابن عربى نفسه بشىء ، فإنى لست على يقين من صدور هذا الكلام منه ، ولا من استمراره عليه إلى وفاته. ولكنا نحكم على هذا الكلام بأنه كفر. انتهى.
وما ذكره شيخنا من أنه لا يحكم على ابن العربى نفسه بشىء ، خالفه فيه شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى لتصريحه بكفر ابن عربى كما سبق عنه. وقد صرح بكفر ابن العربى ، واشتمال كتبه على الكفر الصريح ، الإمام رضى الدين أبو بكر بن محمد بن صالح ، المعروف بابن الخياط ، والقاضى شهاب الدين أحمد بن على الناشرى الشافعيان ، وهما ممن يقتدى به من علماء اليمن فى عصرنا ، ويؤيد ذلك فتوى من ذكرنا من العلماء وإن كانوا لم يصرحوا باسمه ، إلا ابن تيمية ، فإنه صرح باسمه ؛ لأنهم كفروا قائل المقالات المذكورة فى السؤال ، وابن عربى هو قائلها لأنها موجودة فى كتبه التى صنفها ، واشتهرت عنه شهرة يقتضى القطع بنسبتها إليه. والله أعلم.
والقونوى المشار إليه فى كلام شيخنا أبى زرعة ، هو شارح الحاوى الصغير فى الفقه.
ووجدت ذلك فى ذيل تاريخ الإسلام للذهبى ، فإنه قال فى ترجمة القونوى : وحدثنى ابن كثير يعنى : الشيخ عماد الدين صاحب التاريخ والتفسير ، أنه حضر مع المزى عنده ـ يعنى القونوى ـ فجرى ذكر «الفصوص» لابن عربى ، فقال : لا ريب أن هذا الكلام الذى فيه كفر وضلال. فقال صاحبه الجمال المالكى : أفلا تتأول يا مولانا؟. فقال : لا ، إنما يتأول قول العصوم. انتهى.
والمزى : هو الحافظ جمال الدين صاحب تهذيب الكمال ، والأطراف. وفى سكوته إشعار برضاه بكلام القونوى. والله أعلم.
وأما الكلام الذى لابن عربى على تفسير قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) *) الآية التى أشار إليها شيخنا الحافظ أبو زرعة فى كلامه ، فهو ما حدثنى به شيخنا أبو زرعة بعدما كتبه لى بخطه من حفظه بالمعنى على ما ذكر ، وربما فاته بعض المعنى ، فذكره باللفظ. قال : سمعت والدى ـ رحمهالله ـ غير مرة يقول : سمعت قاضى القضاة برهان الدين بن جماعة يقول : نقلت من خط الحافظ جمال الدين المزى ، قال : نقلت من خط ابن عربى فى الكلام على قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية ، ستروا محبتهم ، سواء عليهم