أنذرتهم أم لم تنذرهم : استوى عندهم إنذارك وعدم إنذارك ، لما جعلنا عندهم ، لا يؤمنون بك ، ولا يأخذون عنك ، إنما يأخذون عنا. ختم الله على قلوبهم فلا يعقلون إلا عنه. وعلى سمعهم ، فلا يسمعون إلا منه. وعلى أبصارهم غشاوة ، فلا يبصرون إلا منه. ولا يلتفتون إليك ولا إلى ما عندك ، بما جعلناه عندهم وألقينا إليهم.
وقد بين شيخنا فاضل اليمن شرف الدين إسماعيل بن أبى بكر ، المعروف بابن المقرى الشافعى ، من حال ابن عربى ما لم يبينه غيره ؛ لأن جماعة من صوفية زبيد : أوهموا من ليس له كثير نباهة ، علو مرتبة ابن عربى ، ونفى العيب عن كلامه. وذكر ذلك شيخنا ابن المقرى مع شىء من حال الصوفية المشار إليهم ، فى قصيدة طويلة من نظمه. فقال فيما أنشدنيه إجازة :
ألا يا رسول الله غارة ثائر |
|
غيور على حرماته والشعائر |
يحاط بها الإسلام ممن يكيده |
|
ويرميه من تلبيسه بالفواقر |
فقد حدثت بالمسلمين حوادث |
|
كبار المعاصى عندها كالصغائر |
حوتهن كتب حارب الله ربها |
|
وغربها من غربين الحواضر |
بحاسر فيها ابن العريبى واجترى |
|
على الله فيما قال كل التجاسر |
فقال بأن الرب والعبد واحد |
|
فربى مربوبى بغير تغاير |
وأنكر تكليفا إذ العبد عنده |
|
إله وعبد فهو إنكار حائر |
وخطأ إلا من يرى الخلق صورة |
|
وهوية لله عند التناظر |
وقال تجلى الحق فى كل صورة |
|
تجلى عليها فهى إحدى المظاهر |
وأنكر أن الله يغنى عن الورى |
|
ويغنون عنه لاستواء المقادر |
كما ظل فى التهليل يهزا بنفيه |
|
وإثباته مستجملا للمغاير |
وقال الذى ينفيه عين الذى |
|
أتى به مثبتا لا غير عند التجاور |
فأفسد معنى ما به الناس أسلموا |
|
وألغاه إلغا بينات التهاتر |
فسبحان رب العرش عما يقوله |
|
أعاديه من أمثال هذى الكبائر |
فقال عذاب الله عذب وربنا |
|
ينعم فى نيرانه كل فاجر |
وقال بأن الله لم يعص فى الورى |
|
فما ثم محتاج لعاف وغافر |
وقال مراد الله وفق لأمره |
|
فما كافر إلا مطيع الأوامر |
وكل امرئ عند المهيمن مرتضى |
|
سعيد فما عاص لديه بخاسر |
وقال يموت الكافرون جميعهم |
|
وقد آمنوا غير المفاجا المبادر |
وما خص بالإيمان فرعون وحده |
|
لدى موته بل عم كل الكوافر |