ولم أدر متى كان مولده ؛ إلا أنى وجدت بخطه ما يقتضى ، أنه كان بالغا فى سنة ثلاث وسبعين ، ودخل الديار المصرية فى آخر رمضان سنة ثمانين ، وحج سنة إحدى وثمانين ، وعاد إلى مصر ، ثم جاء إلى مكة سنة ست وثمانين ، فاستوطنها.
وقد رأيت أن أثبت هنا ما علقه جدى عن العلماء وأهل الخير ، من الفوائد العلمية والشعر ، ومناقب الصالحين ، وشيئا مما أبداه جدى من الفوائد المتعلقة ببعض ما ذكره عن العلماء وأهل الخير ، على صورة ما وجد بخطه : سمعت الشيخ أبا محمد المرجانى ، بمدينة تونس ، سنة ثمانين وستمائة ، رحمهالله ، يقول فى قوله صلىاللهعليهوسلم : «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلى : لا إله إلا الله» (٢).
قال ، رحمهالله : عرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمته أفضل الأزمان للدعاء ، بقوله : «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة» ثم رفع هممهم عن طلب مصالحهم ، والاشتغال بذكر ربهم ، فقال : «وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلى : لا إله إلا الله» فإذا اشتغل العبد بذكر ربه عن طلب مصالحه ، قيل له : من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين.
وقال : سمعت الشيخ العارف القدوة ، أبا محمد عبد الله بن محمد المرجانى ، رحمهالله ، يقول فى قوله عليهالسلام : «إن قراءة سورة الواقعة أمان من الفاقة».
قال الشيخ رحمهالله : سر ذلك فى السورة قوله : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) [الواقعة : ٥٨ ، ٥٩] الآية (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) [الواقعة : ٦٣ ، ٦٤] الآية (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ. أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) الآية [الواقعة : ٧١ ، ٧٢].
فهذه مواد الأسباب. فإذا قرأ القارئ هذه الآيات ؛ وانسلخ من الالتفات إليها ، واثقا بمسببها وخالقها ، تيسرت له الأسباب وسيقت إليه خادمة ، فلا تناله فاقة لكونه واثقا بمسبب الأسباب ، لا ملتفتا إلى الأسباب. والله المستعان.
__________________
(٢) أخرجه مالك فى الموطأ حديث رقم (٥٠٠) من طريق : حدثنى عن مالك ، عن زياد بن أبى زياد ، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلى : لا إله إلا الله وحده لا شريك له».
وبرقم (٩٦١) من طريق : وحدثنى عن مالك ، عن زياد بن أبى زياد مولى عبد الله بن عياش ابن أبى ربيعة ، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلى لا اله الا الله وحده لا شريك له».