سمعت معنى هذا الكلام ، من الشيخ رضى الله عنه بمدينة تونس ، سنة ثمانين وستمائة.
وقال : سمعت الإمام أبا محمد عبد الله بن محمد المرجانى يقول : وقد تكلم فى عذاب القبر. وقال رحمهالله : عذاب القبر بحسب تعلق النفس بالعادة.
قلت : فعلى هذا ، من كان أعرق فى التعلق بالعادة ، كان عذاب القبر عليه أشد.
وقال : وسمعته يقول فى قول الصحابى : «ومن فاتته قراءة أم القرآن ، فقد فاته خير كثيرة» ، يعنى فى الصلاة.
قال رحمهالله : من فاتته لحظة مع الإمام ، فقد فاته خير كثير.
وقال : سمعت الشيخ الإمام أبا محمد المرجانى ، رحمهالله ، يقول فى قوله تعالى : (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) [الشعراء : ٢١٨ ، ٢١٩] ما من ذرة ساجدة لله فى السماء والأرض ، إلا ورسول الله صلىاللهعليهوسلم ساجد معها فى مقامها.
وقال : وسمعته يقول فى قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما أخرجك يا أبا بكر؟ قال : الجوع. ما أخرجك يا عمر؟ قال : الجوع. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وأنا أخرجنى الذى أخرجكما» (٣).
قال الشيخ رضى الله عنه ، قوله : «أخرجنى الذى أخرجكما». الذى : لفظ مبهم ظاهره الجوع ، والمراد «الله» والله أعلم ، وهو الذى أخرجه حقيقة فعبر بلفظ «الذى»
__________________
(٣) أخرجه مسلم فى صحيحه باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك ، ويتحققه تحققا تاما ، واستحباب الاجتماع على الطعام حديث رقم (٥٢٦٥) حدثنا أبو بكر ابن أبى شيبة ، حدثنا خلف بن خليفة عن يزيد بن كيسان ، عن أبى حازم ، عن أبى هريرة ، قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم أو ليلة ، فإذا هو بأبى بكر وعمر ، فقال : «ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟» قالا : الجوع يا رسول الله. قال : «وأنا والذى نفسى بيده لأخرجنى الذى أخرجكما ، قوموا» فقاموا معه ، فأتى رجلا من الأنصار ، فإذا هو ليس فى بيته ، فلما رأته المرأة قالت : مرحبا وأهلا. فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أين فلان؟» قالت : ذهب يستعذب لنا من الماء ، إذ جاء الأنصارى فنظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصاحبيه ، ثم قال : الحمد لله ، ما أحد اليوم أكرم أضيافا منى ، قال : فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب ، فقال : كلوا من هذه ، وأخذ المدية ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إياك والحلوب» فذبح لهم ، فأكلوا من الشاة ، ومن ذلك العذق ، وشربوا ، فلما أن شبعوا ورووا ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأبى بكر وعمر : «والذى نفسى بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة ، أخرجكم من بيوتكم الجوع ، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم».