وسمع بمكة أيضا ، على مسند حلب ، كمال الدين محمد بن عمر بن حبيب الحلبى : سنن ابن ماجة ، ومسند الطيالسى ، ومسند الشافعى ، ومعجم ابن قانع ، وأسباب النزول للواحدى ، والمقامات الحريرية ، وغير ذلك.
وعنى بالعلم كثيرا ، وأخذه عن جماعة ، منهم : الشيخ بهاء الدين أحمد بن الشيخ تقى الدين السبكى ، أخذ عنه فنونا من العلم ، ولازمه كثيرا ، وانتفع به. ولما رآه الشيخ بهاء الدين السبكى ، أهلا للتدريس والفتوى ، تكلم له مع جدى القاضى كمال الدين أبى الفضل النويرى ، فى أن يجيز له ذلك ، ففعل ، وتفقه أيضا بالشيخ جمال الدين عبد الرحيم الإسنائى ، وأخذ الأدب عن الشيخ برهان الدين القيراطى وبرع فى التفسير والحديث والفقه وأصوله والعربية والأدب. وله تواليف حسنة منها : الديباجة ، فى شرح سنن ابن ماجة ، وهو فى نحو خمس مجلدات ـ على ما وجدت بخطه ـ وشرح المنهاج للنواوى ، وسماه : النجم الوهاج ، وكتاب حياة الحيوان ، وهو كتاب نفيس ، وقد اختصرته فى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة. ونبهت فيه على أشياء كثيرة ، تتعلق بما ذكره المؤلف.
وله تواليف غير ذلك ، وله نظم جيد ، وحظ وافر من العبادة والخير. وكان بأخرة يسرد الصوم ، وأفتى ودرس ، وأعاد ، بأماكن فى القاهرة ، منها : جامع الأزهر ، كانت له فيه حلقة يشتغل فيها الطلبة فى يوم السبت غالبا ، ومنها : القبة من خانقاه بيبرس ، بالقاهرة ، كان يدرس فيها الحديث ، وكنت أحضر عنده فيها.
وكان يذكر الناس بمدرسة ابن البقرى داخل باب النصر فى يوم الجمعة غالبا ، ويفيد فى مجلسه هذا أشياء حسنة من فنون العلم. وذكر الناس أيضا بجامع الظاهر بالحسينية ، بعد العصر فى يوم الجمعة غالبا. ودرس أيضا بمكة وأفتى.
وجاور بمكة مدة سنين مفرقة ، وتأهل ، ورزق بها أولادا. وأول قدماته إلى مكة ، فى موسم سنة اثنتين وستين وسبعمائة ، على ما بلغنى عنه. وجاور بها ، حتى حج سنة ثلاث وستين.
ثم جاور بها فى سنة ثمان وستين ، قدمها مع الرجبية فى هذه السنة ، وأقام بها حتى حج ، ثم قدم إلى مكة فى سنة اثنتين وسبعين ، وأقام بها حتى حج من سنة ثلاث وسبعين ، وفيها سمع من ابن عبد المعطى ، وابن حبيب.
ثم قدمها فى موسم سنة خمس وسبعين ، وأقام بها حتى حج من سنة ست وسبعين. وفيها تأهل بمكة فيما أحسب.