وكان يأتيه بر من المغرب وغيره ، يقوم به أوده وأود عياله ، ويبر منه غيره ، وتزوج بأخرة فى مكة ، وجاءته بها أولاد ، وخلف زوجته حاملا ، فوضعت بعد موته بيومين أولادا ثلاثة ، بعضهم مصور ، واثنان مضغة.
وكان قدومه إلى مكة ، فى سنة ثمانين وسبعمائة ، أو قربها ، وله من العمر ـ إذ ذاك ـ أربع وعشرون سنة. هذا معنى ما بلغنى عنه فى تاريخ قدومه بمكة وسنه.
وبلغنى : أنه دخل بلاد اليمن ، وجال فى بلدانها ، كصنعاء وما يليها ، وشاهدته بمكة بعد سنة تسعين وسبعمائة بقليل ، ولم يزل بها حتى مات ، إلا أنه فى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ، توجه لزيارة المدينة النبوية ، وجاور بها أشهرا ، ولا أبعد أن يكون اتفق له مثل ذلك مرة أخرى أو أكثر.
وكان يحضر معنا كثيرا ، مجلس شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى ، ويسأل سؤالات كثيرة بسكون وتؤدة.
وولى مشيخة رباط الموفق بمكة ، والنظر فى مصالحه سنين كثيرة ، ولم يكن يعارضه فيما يختاره فى ذلك أحد من قضاة مكة.
وكان صاحب مكة الشريف حسن بن عجلان ، يكرمه ويشفعه كثيرا ، وكذلك نوابه.
ولما مات ، كثر ازدحام الخلق من القضاة والعلماء والأعيان وغيرهم ، على حمل نعشه ، لحسن معتقدهم فيه ، ودفن بالشبيكة ، أسفل مكة ، عند بعض أولاده.
وهناك صلى عليه ، بكرة يوم الجمعة ، التاسع عشر لصفر سنة سبع وعشرين وثمانمائة ، بوصيته لذلك.
وكانت وفاته فى ليلة الجمعة المذكورة بعد العشاء. وخرج لشهود جنازته المخدّرات ، وقل أن شاهد الناس مثلها فى كثرة الجمع ، رحمهالله.
٤٧٠ ـ محمد بن المؤمل بن أحمد بن الحارث بن عمر بن عبد الله بن عمرو بن الحارث بن عمرو بن المؤمل بن حبيب بن تميم بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب القرشى العدوى:
هكذا نسبه صاحب الجمهرة ، وقال : محدث شامى ، سكن مكة ، وبها مات سنة تسع عشرة وثلاثمائة. وهو ثقة ، عالم بالنحو ، واسع الرواية. انتهى.
__________________
٤٧٠ ـ انظر ترجمته فى : (جمهرة أنساب العرب ١٥٠).