وقانا لفحة الرمضاء واد |
|
سقاه مضاعف الوبل (١) العميم |
نزلنا دوحة حنّت علينا |
|
حنوّ المرضعات على الفطيم |
وأرشفنا على ظمأ زلالا |
|
ألذّ من المدامة للنديم |
يصد (٢) الشمس أنّى قابلتنا (٣) |
|
فيحجبها ويأذن للنسيم |
تروع حصاه حالية العذارى |
|
فتلمس جانب العقد النظيم |
وهذا البيت الأخير مما يخلب بالألباب ، ويذهب بالعقول. قال ابن الشحنة في تاريخه (٤) : يعني أن العذراء التي في عنقها عقد إذا وقفت عليه ونظرت خيال عقدها في مائة تظنّ أن عقدها قد انفصم ووقع فيه فتلمسه ، وقد يكون المعنى أنها تشبه الحصى الذي في النهر بعقدها. قلت : وقد نزلنا على هذا النهر ، ويحق للناظم ذلك ، لأنه لم ير الفرات ولا دجلة ، فإن أدنى نهر من أنهارها ألطف وأرق وأعذب وأسلس مما ذكر ولا أحد يذكره في بيت أو شعر أو مثل. ومما أنشدنا ذالية ظافر الحداد (٥) ، وهي :
لو كان بالصبر الجميل ملاذه |
|
ما شح وابل دمعه ورذاذه |
ما زال جيش الحب يغزو قلبه |
|
حتى وهى وتقطعت أفلاذه |
لم يبق فيه من الغرام بقية |
|
إلا رسيس يحتويه جذاذه |
__________________
(١) في ابن خلكان : النبت ، وفي نسخة أخرى منه : الغيث.
(٢) في ابن خلكان : يراعى.
(٣) في ابن خلكان : قابلته ، وفي نسخة أخرى منه : قابلتنا.
(٤) هو محمد بن محمد بن محمد الحلبي الحنفي المعروف بابن الشحنة ، مؤرخ جليل ، توفي سنة ٨١٥ ه / ١٤١٢ م له (روض المناظر في علم الأوائل والأواخر) اختصر به تاريخ ابي الفداء وذيله إلى زمانه سنة ٨٠٦ ه. السخاوي : الضوء اللامع ج ١ ص ٣ ـ ٦ والشوكاني : البدر الطالع ج ٢ ص ٢٦٤ والبغدادي : هدية العارفين ج ٢ ص ١٨٠ وكحالة : معجم المؤلفين ج ١١ ص ٢٩٥
(٥) هو ظافر بن القاسم بن منصور الجذامي الإسكندري المعروف بالحداد. ترجم له ابن خلكان (وفيات الأعيان ج ٢ ص ٥٤٠) فقال «كان من الشعرا المجيدين ، وله ديوان شعر أكثره جيد». وذكر قصيدته الذالية هذه ، وقال «وهذه القصيدة من غرر القصائد».