وممّا وقع فيه السؤال ، عبارة الشيخ ابن حجر في قول النووي : وكذا الباب المردود والشباك في الأصح حيث قال ثمة : وبما تقرر علم صحة صلاة الواقف على أبي قبيس بمن في المسجد ، وهو ما نص عليه ، ونصه على عدم الصحة محمول على العبد ، وعلى إذا ما حدثت أبنية بحيث لا يصل إلى بناء الإمام لو توجه إليه من جهة إمامه إلا بازورار وانعطاف ، بأن يكون بحيث لو ذهب إلى الإمام من مصلاه فلا يلتفت إلى جهة القبلة ، بحيث يبقى ظهره إليها. فقلت : إن لا في قوله لا يلتفت زائدة من قلم الناسخ لأنه في صدد بيان الازورار والانعطاف ، وهما يقتضيان الالتفات عن جهة القبلة لا عدمه ، فكابر وعاند ، وادعى أن قوله بأن يكون بحيث انتهى بيان لعدم الازورار. فقلت : عدم الازورار غير مذكور (٧٢ أ) حتى يكون هذا بيانا ، فقال هو مفهوم بطريق المخالفة وأصر على ذلك.
ومما وقع السؤال عنه ، عبارة الشيخ ابن حجر ، ونصها : وبحث الأسنوي (١) أن هذا في غير شباك بجدار مسجد ، وإلّا كالمدارس التي بجدر المساجد الثلاثة صحة صلاة الواقف فيها لأن جدار المسجد منه ، والحيلولة فيه لا تضر ، ورده جمع وإن انتصر له آخرون بأن شرط الأبنية في المساجد تنافذ أبوابها على ما مر ، فغاية جدار المسجد أن يكون كبناء فيه ، فالصواب أنه لابد من وجود باب أو خوخة (٢) فيه يستطرق منه إليه من غير أن يزور كما مر في غير المسجد ، فقلت : صريح عبارة ابن حجر أن الازورار في المسجد يضر ، وإن ذهب غيره إلى خلافه ، كالحلبي وغيره. فقال الشيخ طه : لا تقتضي العبارة ذلك ، وتمحل لها تمحلات بعيدة وتكلفات واهية غير سديدة تماما. ثم إنّا توافقنا أن نجعل الشيخ الطرابلسي حكما في المسألتين ، وقلنا : إنه رجل حنفي ولا يعرف حكم المسألة عند الشافعية إلا من مدلول اللفظ ، فنعرض عليه العبارتين ونسأله تقريرهما ، فإن وافق تقرير أحدنا ينبغي للآخر أن يسلم.
__________________
(١) يريد نور الدين إبراهيم بن هبة الله الأسنوي المتوفي سنة ٧١٢ ه في اختياره لكتاب الوسيط في فروع الشافعية لأبي حامد الغزالي وتصحيحه لبعض شروحه.
(٢) الخوخة : باب صغيرة في باب.