عناده لجهله ، فالتمست في ركب الحج (١٦٧ أ) شرح التنوير وأخرجت المحل وأرسلته إليه. والذي ذكره أنه يجوز التيمم لعطش ولو من كلبة ، إلى أن قال : أو رفيق القافلة ، وذكر أيضا أنه يجوز للعطشان مقاتلة صاحب الماء إذا امتنع ، فإن قتل ربّ الماء فدمه هدر ، أو العطشان فيقتص من رب الماء. ولم يزل هذا الرجل يغتابني إلى أن دخلنا حلب فذكر لي بعض الناس أنه ينقم عليّ من خصوص التيمم ، وكنا في مجلس عقد نكاح ، وفيه غالب أجلة علماء حلب حنفية وشافعية ، فناديت بأعلى صوتي : أنشدكم معاشر الفقهاء كيف حكم التيمم مع وجود عطش رفيق القافلة؟ فقال الحنفيون : يجوز ، وقال الشافعيون : يجب.
ومما وقع السؤال عنه في الطريق حكم المنطقة من فضة ، فأجبت بالجواز والحل ، وخالفني بعض الفقهاء ، واحتجنا إلى مراجعة كتب الفقه فظهر الحكم كما ذكرت ، فسلموا إلا الشيخ الجبريني بقي على إصراره كما هو عادته.
ومما وقع السؤال عنه قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في دعاء الاستخارة : اللهم إن كنت تعلم. وصورة السؤال أن إن للشك ، والله تعالى عالم جزما ، فكيف صح التعبير بإن؟ وجوابه (١٦٧ ب) [إن الشك](١) راجع إلى المستخير لأنه لا يقين عنده في أن علمه تعالى هل تعلق بكذا أو كذا ، والمشكوك فيه إنما هو تعلق علم الله لا علمه ، فالله تعالى عالم بلا ريب ولا شك ، وإنما الشك في التعلق وهو مغيب عنا ، والله اعلم.
ومما وقع السؤال عنه في الطريق أيضا قوله تعالى (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ)(٢) الآية.
وصورة السؤال كيف يعقل اشتراء الله الأنفس وهو مالكها؟ وجوابه : إن ذلك من باب المجاز المرسل من أطلاق المقيد على المطلق ، والمعنى إن الله طلب من المؤمنين بأن يبذلوا أنفسهم في قتال أعدائه فأطلق الاشتراء على مطلق الطلب مجازا لا أنه اشتراء حقيقي أو إن
__________________
(١) الزيادة من ب.
(٢) التوبة آية ١١١.