أبواب ، على سطح كل باب هيئة الدرجين المعكوسين ، تظن العامة أنها مقلوبة ، وليس كذلك كما هو ظاهر لمن تأمل البناء (١) وعقد الأبواب والأواوين وأكثر البيوت علا عليها الرمل ، نعوذ بالله من غضبه وعقابه. ومررنا على الجبل الذي غاب فيه سيدنا صالح النبي ، وتسميه العامة مبرك الناقة ، تزعم بأن الجمال إذا سمعت رغاء الفصيل تبرك فلا تثور ، وهذا إذا وصلوا إلى ثغر الجبل أكثروا من الصياح ورفع الأصوات وضرب البنادق لكي لا تسمع الجمال رغاء الفصيل فتبرك ، وهذا أمر مشهود فيما بينهم ، والظاهر أنه لا أصل له ، وإنما أصله القديم أنه لما كان رمل ذلك الموضع كثيرا متراكما ، والغالب يكون الفيء والظل عليه ، فإذا وطئت (١٧٣ ب) الجمال ذلك الرمل تبرك كما هو عادتها في غيره ، احتالوا لها بذلك والله أعلم.
وأقمنا في هذه المرحلة يوما ، ودعانا يوم الإقامة الحاج عبود كبير جمالة حلب ، وقدم لنا أطعمة فاخرة من أنواع الحلويات السكرية والكاهي (٢) والخروف المحشو والمصارين المحشوة والأكارع والرءوس المطبوخة أحسن طبخ وعليها ماء الليمون ، والبلاو (٣) المزعفر وعليه قطع اللحم السمينة ، والحريرة المطبوخة مع ماء الليمون ، والمخلل المعمول من الزيتون والقرع وغير ذلك ، ثم شربنا قهوة البن التي كأنها جناح الطاووس ، ورش علينا ماء الورد الذي تفوق رائحته (٤) المسك وتبخّرنا بالعود الطيب ، جزاه الله عنا خيرا ، وكان معنا في هذه الدعوة
__________________
(١) وصف محمد بن عيسى بن كنان الصالحي الدمشقي المعاصر للمؤلف ثمود بقوله مدائن صالح ، وفيه ممر النقب ومبرك الناقة. ودور قوم ثمود ، كلها في صخر منقورة ظاهرة الأبواب ، وهي مدائن كبيرة لا حد لها ، وإنما يمر الحج على طرفها ، وهو طريق الحج (المواكب الإسلامية ج ٢ ص ٢٥٥).
(٢) اسم يطلق في العراق على ضرب من الفطائر يعمل بدقيق يعجن من بياض البيض ويقطع ويرقق ويطوى ويقلى بالسمن ثم يصب عليه شراب السكر ، واللفظة فارسية : مقتطعة من كاهيده ، مرقق ومرفقة ، اسم مفعول من المصدر كاهيدن ، بمعنى الترقيق. داود الجلبي : كلمات فارسية في عامية الموصل ، بغداد ١٩٦٠ ، ص ١٥٤.
(٣) لفظة فارسية بمعنى : الرز المطبوخ.
(٤) في ب (التي رائحته تفوق على)