السيد العالم الناسك جلبي أفندي المفتي بحلب على مذهب الحنفية سابقا (١) ، والسيد أبو المواهب مفتي الشافعية بحلب ، والسيد طالب الرفاعي البصري ، والسيد يونس الأدهمي ، والحاج محمد بن هاشم البغدادي ، والحاج محمد بن قاسم البصري ، فانبسطنا وحمدنا الله الذي أطعمنا مثل هذه الأطعمة التي هي عزيزة في الحضر. وأهل العلى صورهم قبيحة لا دمّ في وجوههم ، أكثرهم عور ، وقد شاع عند الحجاج انهم يتجرأون على قتل الإنسان ونهب أمواله ، وليس بصحيح ، بل الذي يفعل ذلك عرب عنزة (٢) ، يستخفون (١٧٤ أ) بين النخيل والأشجار ، فإذا مر بهم الحاج المنفرد قتلوه وسلبوه ، وأما أهل العلى فلا يخرجون من بيوتهم إلى خارج القرية إلا القليل ، خوفا على أنفسهم من عسكر الحاج ، فتبقى الحدائق خالية من الناس ، فتأتي الأعراب فيكمنون فيها ويفعلون القبائح ، فيظنهم الذي لا علم له ولا خبرة أنهم أهل العلى ، حاشا لله ، فهم قوم مسلمون يقيمون الجمعة والجماعات ، ويؤوون من انقطع من الحجاج ، ويقومون بأودهم كما شاهدته عيانا.
[آبار الغنم]
وخرجنا بعيد الظهر ، ونزلنا آبار الغنم ، وهي أرض إلا أن فيها آبارا كثيرة ، ماؤها عذب إلا أنه ردىء ، سميت بذلك لكثرة ما حول الآبار من بعر الغنم لأن الأعراب ينزلون فيها ، ويوردون أغنامهم منها ، فتبعر الأغنام حوالي الآبار ، ولقد شاهدت البعر حواليها كثيرا جدا ، وبعضهم يقول آبار غنم بدون ال ، ولعل ذلك منسوب إلى غنم بفتحتين ، بن تغلب بن وائل (٣) أبو حي ، والله أعلم. وفيها قلعة عمّرها في عصرنا المرحوم سليمان باشا ابن العظم ، وفيها حراس من الجند كل سنة يبدلون ويأتي غيرهم كسائر القلاع والمسافة خمسة [فراسخ] ونصف فرسخ (٤).
__________________
(١) لم يشر إليه في أثناء إقامته بحلب ، والظاهر أنه التقى به بعدها.
(٢) قال محمد كبريت المدني : وعنزة تختطف من الركب ما كتب لها (رحلة ص ٢٣٨)
(٣) جد جاهلي ، ينظر ابن حزم ، جمهرة أنساب العرب ص ٣٨٦.
(٤) في النسختين : فرسخا.