[البئر الجديد]
وتليها مرحلة البئر الجديد ، وهي بئر واحدة يستقي منها الحاج ، وماؤها أعذب مما قبلها ، وليس فيها عمارة ، والمسافة ثمانية عشر فرسخا (١) ، لكنا قطعناها (١٩٧ ب) بنحو عشرين ساعة ، سميت بذلك إما لأن البئر حفرها ليس قديما ، أو أنه مغيّر عن جدّة ، وهو البئر الكثيرة الماء أو قليلة ضد.
[هديّة]
وتليها مرحلة هدية بفتح الهاء فكسر الدال فتشديد المثناة التحتية وآخر الحروف هاء تأنيث ، وفيها قلعة بناها في عصرنا المرحوم سليمان باشا ابن العظم (٢) ، وهذه الأرض إذا حفر فيها نحو ذراع خرج الماء لأنه كامن تحت الرمل ، إلا أنه رديء مسهل لما فيه من ملوحة ما. ويشرف على القلعة جبل أسود ، وأرضها كثيرة الرمل. ويحيط بالمنزلة التي خيمنا فيها جبال سود ، والمسافة سبعة عشر فرسخا ، وعن شمالها خيبر غير بعيدة ، وصادفنا في هذه المنزلة حر شديد يزيد على حر تموز في العراق ، حتى تجردنا عن غالب الثياب ونحن نسبح بالعرق ، وكان قد مضى من كانون الأول اثنا عشر يوما.
ويوم نزولنا دعانا للضيافة أمير الحاج الوزير أسعد باشا ، فأضافنا ضيافة حسنة مشتملة على أنواع شتى من الطعام ، من جملته الباذنجان المحشو والقرع المحشو في غير أوانه ، وحين حضرت صلاة المغرب صليت إماما بالقوم ، وكان معنا في تلك الدعوة العالم الفاضل السيد جلبي أفندي المفتي السابق بحلب على المذهب الحنفي ، والشيخ أبو المواهب مفتي الشافعية بحلب (١٧٤ أ) المحمية ، والسيد الجليل السيد طالب البصري من أولاد سيدي
__________________
(١) يبعد البئر الجديد عن العلى ب ٨٣ كم.
(٢) يبدو أن حصنا كان في هدية بدليل أن نصوح باشا الوالي رممه وجعله المكان الذي تلتقي به الجردة (وقوتها ألفا جندي يرسلون من دمشق) بقافلة الحج عند عودتها وترافقها إلى دمشق (المواكب الإسلامية ص ٣٥٥) وكان محمد كبريت المدني قد وصف هدية بأنها شعب مسيل ، فيه نخل وماء من بقايا السيل .. وهي على مرحلة من خيبر ، وتبعد هدية عن البئر الجديد ب ٦٠ كم.