وترجم لبعضهم ، ونوه بعلومهم ومعارفهم ، ودوّن عنوانات مؤلفاتهم ، وثبّت شيئا مما جرى بينه وبينهم من محاورات ومناقشات علمية ، وما أخذه عنهم من إجازات ، وما أخذوه هم عنه ، وتبرز أهمية تلك الإجازات في أنها احتوت قوائم دقيقة بالعلماء الذين أخذ عنهم صاحب الإجازة ، فبيّنت من ثمّ طرق تسلسل العلم ، وأخذ الرواية.
كما أنه سجل نماذج من نصوص بعض الرسائل الأدبية المتبادلة بينه وبين معاصريه من العلماء والأدباء ، وفيها فوائد جمّة تعبّر عن روح العصر وذوقه السائد.
ولم يقصر رحالتنا اهتمامه على العلماء الذين التقى بهم ، وإنما تطرق أيضا إلى وصف حالة المدارس الكبيرة التي زارها ، بيد أنه انتقد تدنّي المستوى العلمي فيها ، وتدهور أحوال التدريس في بعضها ، فالمدرسة السليمانية بدمشق «لا عيب فيها سوى أن أصوات العلم فيها خامدة ، ولا يصرف عشر العشر من أوقافها وإنما يأكله الجهلة» ، ومدرسة سليمان باشا بدمشق أيضا «العلم فيها معدوم» ، أما المدرسة العمرية فهي «عامرة ذات أوقاف كثيرة لا عيب فيها إلّا أن العلم والتدريس مفقود بها» ، ويقول «أخبرني غير واحد أن في الصالحية مدارس عدد أيام السنة إلّا أن أكثرها اندرس وأوقافها يأكلها ذوو الرتب من أهل الجهل» ، والمدرسة العادلية من أحسن المدارس إلا أنها خربة» ، بل شمل نقده جانبا ، من النظام التعليمي كله ، إذ ذكر أنه سمع أن في دمشق «نحو ألف مدرسة أكثرها اندرس والباقي صار منازل للناس وأوقافها يأكلها هؤلاء الجهلة. ومما اعتادوه أنهم يذهبون إلى الدولة العلية ويشتري له مرتبة تدريس على قانون علماء الأتراك فيكتسب بذلك الكبر والظلم ..». وهكذا فإنه أدرك أن جزءا من الخلل في العلمية التعليمية يكمن في قيام بعض من لا يستحق بدفع الرشاوى كي يتولى مناصب علمية ، لا بسبب رغبته في ممارسة التعليم فعلا ، وإنما للاستفادة مما هو موقوف على المؤسسات التعليمية من أموال.
وصف النسخ المعتمدة.
خلت فهارس المكتبات العامة والخاصة التي راجعناها من إشارة إلى النسخة الأصل التي كتبها السويدي بخطه ، ولذا فقد اعتمدنا في تحقيقنا للنفحة على نسختين منقولتين عن