ومالطة معا ، وبعد سنتين تغلّب عليه الأمير بطرس الأراجوني ، ثم آل أمرها إلى الملك كرلوس ملك صقلية فولّى عليها الفرسان من نظام مار يوحنا برضى الأهلين واتفاق دول أوربا ، وكان قد جرى هذا النظام عندهم أولا ثم لما نبغ نابوليون واستولى على البلاد سلّمت له الجزيرة على أن يرخّص للأهلين في التصرف بحقوقهم إلا أن الفرنسيس لم يلبثوا أن هتكوا بعض السنن القديمة ، وانتهكوا حرمة الكنائس ، فتحزب عليهم المالطيون تحزبا لم يخل عن سفك دم كثير منهم ، وعن تلف أموالهم إلى أن أتت الإنكليز فسلّموها لهم ، وكان ذلك في سنة ١٨٠٠.
قلت : لمّا دخلها نابوليون وجد فيها ألفا ومائتي مدفع ومائتي ألف رطل من البارود ، وأربعين ألف بندقية وعدّة بوارج ، و ٥٠٠ ، ٤ أسير من المسلمين ، فأطلقهم ، وذلك في سنة ١٧٩٨.
قال : فأما أخذ المسلمين لها فإنه كان من باب المصادقة أولى منه من المغالبة وعاملوا الأهلين أولا بالرفق والمياسرة ووقّروا سننهم وأحكامهم ، وامتزجوا بهم للغاية حتى كأن الجيلين واحد كما يتبين ذلك من بقاء لغتهم فيهم.
لغة مالطة
قال : أمّا لغة مالطة فذهب بعضهم إلى أنّها عربية فاسدة ، وذهب آخرون إلى أنّها فينيقيّة لأن اليونانيين بعد أن فتحوا الجزيرة لم يخرجوا منها الفينيقيين ، بل ظلّوا فيها آمنين محافظن على لغتهم ، وما برحت مستعملة حتى بعد استيلاء الرومانيين عليها ، وأنها لم تتغير في مدّة القرطاجنيين لأن لغة هؤلاء أيضا كانت فينيقية.
ومع أن دأب الرومانيين كان حمل الناس على التخلّق بأخلاقهم ، والسلوك بسننهم أينما ملكوا فلم يجبروا الرعية هنا على التكلم بلغتهم ، والدليل على ذلك أنّ الرومانيين الذين كانوا مع ماربولس سموا المالطيين بربرا ، ولم يكن يطلق هذا الاسم إلا على من جهل اللاتينية واليونانية.
قال : ثم بقيت في دولة المسلمين أيضا ، ولم تتغير وإنّما دخل فيها بعض ألفاظ أجنبية ، ويؤيد كونها فينيقيّة مشابهة بعض ألفاظ منها للغتنا نحو بير وصيد فإنهما