جزيرة غودش
وأقول قد رأيت جزيرة غودش غير مرّة أمّا اسمها فأظنه محرّفا عن لفظة الهودج سمّاها بها المسلمون لشدّة شبهها به ، كما سموا الجزيرتين الأخرين كمونة وفلفلة لصغرهما ، إلا ان أهلها ينطقون بها بالغين المعجمة لا بالمهملة كما ينطق به أهل مالطة ، ولا أعلم في لغتهم كلمة غيرها قلبت فيها الهاء غينا ، فأما قلب الجيم شينا فكثير.
أما أرضها فأحسن من أرض مالطة ولا سيّما كون حقولها مكشوفة للنظر كحقول فرنسا وإنكلترة ، لا كحقول أهل مالطة كما يأتي ، وهي أزكى ثمرا ونباتا وأهلها أخلص طوية ، وفيها الحمير والبغال ضليعة لكنّها غير فارهة ، وربّما بيع الحمار منها بأربعين ليرة.
أما شجرها فإن التفاح لا يكاد يكون أكبر من العليق في الشام ، وشجر التين منبسط على الأرض ، وليس فيها من شجر الجوز سوى شجرة واحدة ، وفيها أيضا نخلة لكنّها لا تثمر. وأسماء قراها ومواضعها كلّها عربية محضة. وممّا أضحكني من خرق أهلها أنّهم يدرسون القمح على البهائم من دون نورج (١٤) ، وذلك بأن يربطوا مثلا كل زوج منها في قرن ويمشوهما على السنابل فيثور هذا ناحية وذاك أخرى ، وكذا هي في مالطة. ومن غرابة أرض غودش أن جميع محالها مزروعة محروثة إلا ما قابل مالطة فكأنه من قبيل مراعاة النظير. أما كمونة فليس فيها سوى بيت واحد وكنيسة ، وأرضها قليلة الجدوى.
__________________
(١٤) النورج : آلة تدرس بها أعواد القمح ونحوها ، تجرها البهائم. (م).