«... ومن الغريب هنا أنّه قد جرت العادة عند العامّة بأن يبيعوا نساءهم بيعا لعدم إمكان طلاقهن ، وصورته أنّه إذا شعر الرجل بأن زوجته تحبّ آخر عرض عليها الانتقال إليه ، فإذا تراضيا أخذها وباعها لعاشقها بمحضر شهود ، وقبض منه ما يؤذن بصحّة البيع ، وتخلّص بعد ذلك من تبعتها.
وفي أخبار العالم ما نصّه : رجل باع زوجته في حانة لرجل بخمسة شلينات ونصف ، وقبض الثمن بحضرة شهود ، وذهب بها المشتري ، ولما كان الغد ندم زوجها على ما فعل ، واستقال في البيع فلم يقبل.».
نص الرحلة ص ٢٥٥
«... إلا أنّه لا ينبغي أن تفهم من هذا أن الأمور الخطيرة عندهم تبتّ في الحال ، فإنّ لها من التوقيف والتعيين ما يعيى به صبر المنتظر ، إذ لا يبرم عندهم أمر من أول وهلة إلا أن يستفرغ فيه البحث والتروّي ، فعلى قدر ما يهون عليهم ارتجال المقال ، يصعب عليهم ارتجال الفعال ، حتى إنّ ديوان المشورة لا يبتّ شيئا إلا بعد استفراغ الكلام فيه ، وإنّما المراد أنّهم لا يعدون بما لا نية لهم على وفائه كما يحدث في بلادنا ، فيبقى الموعود رهين الأماني يطعم الملث ، ويسقى الوعود ، ثم لا يحصل من بعد ذلك على شيء ، فينتج منه التكذيب من قبل الموعود ، والتنكيد من قبل الواعد. وفي الجملة فليس بين الإنكليز عرقوب ، ولا أشعب.».
نص الرحلة ص ٢٢٧