الإنفاق. وفي ليالي الآحاد والأعياد تغصّ بهم المسالك فلا يطيق أحد سماع غنائهم ولغطهم.
هذا وكثيرا ما ترى الملاحين والبحريين سكارى في الأسواق حيارى ، وإذا صرعتهم الخمر في الطريق يمرّ الناس بهم ، ولا يبالون وربما سرق منهم وهم على هذه الحالة ما بقي لهم من الحانة ، أو جرّدوا عن ثيابهم وهم لا يشعرون ، وربّا تقاءى (٥٧) أحدهم ثم عاد إلى الشرب إلا أن منزلة السكارى من عسكر المدينة أجلّ من العسكر البحرية ، فإن أولئك يجررون إلى مقامهم تجريرا وهولاء يغادرون صرعى عرضة للناهبين.
ممّا يحمد في مالطة
وممّا يحمد في مالطة عدم العقارب والحيّات وسائر الهوام المضرة ، وإن وجدت فلا سمّ لها. وأهل مالطة يزعمون أن ذلك من كرامة ماربولس حين ألقى الثعبان من يده في النار. وأخبرني ثقة بأن الحيّات في جزيرة كريد أيضا لا سمّ لها ، وأهل إيطاليا يقولون : إن مار بولس أزال السمّ من أفواه الحيّات فانتقل إلى أفواه أهل مالطة ، وزعم بعض من الإنكليز أن ماربولس لم يمرّ بمالطة ، وإنّما كان مروره بملطية ، إلا أنه يكثر عندهم البقّ والذباب وهذا يوسخ كل شيء أبيض والعناكب تلقي لعابها بين كل شيئين ، أمّا العثّة (٥٨) فإنّها لا تلحس الصوف لحسا كما يقول صاحب القاموس وإنّما تسترطه (٥٩) استراطا ، وفي معنى العناكب قلت :
غدا بيتي كثير الفرش لما |
|
تهلهل فيه نسج العنكبوت |
فلا عجب إذا ما قلت يوما |
|
لكيد الناس إني ذو بيوت |
__________________
(٥٧) تقاءى : تقيّأ أي أخرج ما في معدته. (م).
(٥٨) العثة : حشرة تأكل الصوف. (م).
(٥٩) استرط الشيء : ابتلعه. (م).