لهم جرّ منفعة من ذلك انتهزوا فرصتها فورا واختلقوا عليه أكذوبة.
وللمالطيين جميعا لهجة واحدة ، وإشارات واحدة ، فالرجال إذا وقفوا يهزّون أفخاذهم من الورك إلى القدم ، وإذا وصفوا أحدا بالنحول رفعوا السبابة وأمالوها يمينا وشمالا ، وإذا أشاروا إلى أمر معتدل سوي رفعوا الكفّ اليمنى ورجّفوها ، وإذا أرادوا الكثرة ضمّوا الأصابع على الإبهام وحرّكوها عليه ، وإذا أرادوا النفي أمرّوا الأنامل من تحت الذقن ، وإذا أشاروا إلى حسن امرأة جمعوا الكف وأمرّوها على الصدغ ، إشارة إلى تجعيد سوالفها ، وإذا أرادوا وصف شيء بالطيبة أرخوا اليد اليمنى ونفضوها مرّات ، وإذا سألوا الرجل عن زوجته قالوا له : كيف المرة. وإذا زار أحدهم صاحبه فأوّل ما يحيّي به صاحب المنزل ويجعل تحية الست الأخيرة ، وإذا ذكروا اسم ولد صغير ذكروا اسم الله عليه ، وإذا أوقدوا المصباح في المساء قالوا تحية المساء. والفلاحون لا يصرّحون بعدد سني سنّهم ، فيقولون مثلا : أربعون وعشرة. ولعل ذلك واصل إليهم من اليهود فإن العدد عندهم فيما أعلمه مكروه.
ومن العجب هنا أن الناس يحبّون التكاثر في كل شيء حتى في القبائح والرذائل إلا في العمر ، ولا يتحاشى أحدهم إذا زارك أن يجيء معه بواحد أو اثنين جريا على عادة العرب ، ويبادرون إلى تهنئة النفساء حال وضعها ، وتزدحم عليها الجيرة حتى العذارى ، وتأتي أصحاب الآلات ، ويعزفون أمام البيت وهي آخذة في الطلق ، ويزأطون (٨٢) عندها كما يزأطون في الأعراس. أمّا تحمسهم في الديانة ففوق تحمس أهل إرلاند ، وقد مرّ بك عدد الكنائس والقسيسين وثروتهم وملابسهم الكنائسية ، وكما أن أهل إرلاند يسكرون ويفحشون في عيد صان باطرك (٨٣) ، كذلك المالطيون يسكرون ويفحشون في عيد صان باولو (٨٤) ، بل في سائر الأعياد ، وإذا استأجر مالطي دارا كان قد سكنها يهودي فلا يدخلها إلا إذا رشّ عليها القسيس الماء المبارك ، وكذلك لو انتقل مثلا مركب ونحوه من ملك مسلم أو إنكليزي فلا بد وأن
__________________
(٨٢) يزأطون : يصيحون ، ويضجّون. (م).
(٨٣) صان باطرك : حامي إرلاندة ، الاحتفال بعيده يوم ١٧ آذار. (م).
(٨٤) صان باولو : يحتفل بعيده في ٢٩ حزيران من كل عام. (م).